نام کتاب : الاجتهاد والتقليد نویسنده : الصدر، السيد رضا جلد : 1 صفحه : 53
و المرجع فقوله حجّة لغيره عند الشرع أيضاً؛ إذ تصدق عليه العناوين الواردة في الكتاب و السنّة على ما سيجيء تفصيله إن شاء الله تعالى.
و لا يخفى أنّه لا يعتبر في مرجعيّة المجتهد للتقليد أن يكون قائلًا بانفتاح باب العلم و العلمي؛ لصدق تلك العناوين على القائل بالانسداد أيضاً؛ إذ لا يصحّ سلب الراوي للأحاديث عنه، كما لا يصحّ أن يسلب عنه وصفا العارف بالأحكام و الناظر في الحلال و الحرام عند العرف.
و من البديهي أنّه لا فرق في مدارك الأحكام بين القائل بالانفتاح و بين القائل بالانسداد و إن كانا مختلفين في وجه حجّيّة تلك المدارك، فإنّ هذا الاختلاف لا يوجب صحّة سلب العالم عرفاً عن قائل بالانسداد، فمقوّم الصدق لتلك العناوين حصول العلم بالمدارك و هو حاصل لهما، و إنّ المدارك التي يستخرج منها الحكم لدى الانفتاحي بعينها هي التي يستخرج منها الحكم لدى الانسدادي.
فظهر النظر فيما ذكره في الكفاية من:
أنّ الرجوع إلى القائل بالانسداد ليس من رجوع الجاهل إلى العالم بل إلى الجاهل، و أدلّة جواز التقليد دلّت على جواز رجوع غير العالم إلى العالم، و قضيّة مقدّمات الانسداد ليست إلا حجّيّة الظنّ عليه لأعلى غيره. [1] وجه النظر أنّ الإرشاد في الإرجاع إلى رواة الأحاديث في قوله (عليه السلام): «فارجعوا إلى رواة أحاديثنا» [2] بنحو الإشارة إلى أمر معهود خارجي و هو الأحاديث الموجودة التي رواها الأصحاب، و ودّعوها في كتبهم. فمن وصل إلى هذه الأحاديث، و ميّز الموثوق منها عن غيره، و عرف مداليلها فهو المرجع في الأحكام الشرعيّة، و هذان الوصفان مشتركان بين المجتهد الانفتاحي و الانسدادي، و لا وجه لتوهّم اختصاصهما بالانفتاحي دون الانسدادي.