نام کتاب : الاجتهاد والتقليد نویسنده : الصدر، السيد رضا جلد : 1 صفحه : 210
و قوله تعالى حكاية عنهم في غير موضع إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ*[1].
فلو كان التعويل على التقليد مرضيّاً سديداً لما وجّه تعالى الذمّ إليهم، و لكان لهم المعارضة بجوازه في الإسلام.
و الجواب أنّ أمثال هذه الآيات لم يعلم ورودها في ذمّ أصل التقليد، فلدعوى ورودها في ذمّ تقليد خاصّ مجال، و هو التقليد التعصّبي الأعمى، و هو التقليد عن الإباء.
فإنّ الأب بما أنّه أب لا يصلح عند العقل و النقل لأن يصير مقلّداً و مرجعاً؛ فإنّ التقليد يجب عمّن يكون أهلًا لذلك، كالعقلاء و العلماء البحّاثين الذين يبحثون وراء الحقيقة، و ليس لهم تمايل بأي طرف، لا يريدون إلا الوصول إلى الواقع.
فالآية الكريمة تذمّ تقليد من لا أهليّة له للتقليد عنه، أمّا الذمّ عن أصل التقليد فهي ساكتة عنه.
الثانية: أنّ الاعتقاد الحاصل من التقليد في عرضة الزوال
، و صاحبه غير مأمون على زواله، فيجب تثبيته بالنظر.
و فيه أوّلًا: أنّ الاعتقاد الحاصل بالنظر قد يكون أيضاً كذلك، فإنّه قد يزول بخدشة في الاحتجاج، أو بإشكال في الاستدلال.
و ثانياً: أنّ محلّ الكلام هو صحّة الاعتقاد الحاصل بالتقليد ما دام ثابتاً لم يزل، فالحجّة أجنبيّة عن البحث.
الثالثة: الأخبار الدالّة على أنّ الإيمان ما استقر في القلب
من التصديق بالشهادتين، وجه الدلالة أنّ الاستقرار لا يتحقّق إلا بالدليل.
و الجواب: أنّ الاعتقاد الحاصل من التقليد يستقرّ أيضاً في القلب.
قوله: «إنّ الاستقرار لا يتحقّق إلا بالدليل».
و إن أراد من الدليل ما يشمل لقول المرجع، فالدليل للإيمان الحاصل من التقليد