لجميع المجتهدين، بل إمّا موافق لبعض و مخالف لبعض آخر في الواقع، أو نفرض كذلك؛ و على الأوّل نقول: يتعارض ظنّان قويّان، أحدهما أرجح، لزيادة ظنّ المتجزّي عليه، فالترجيح له؛ و على الثاني تثبت المفروض هكذا، و نتعدّى إلى ما كان ظنّه مخالفا للكلّ بالإجماع المركّب.
و رابعا: إنّه لو كان المناط في التقديم على كونه أقوى، لزم على المجتهد المطلق تقليد الأعلم منه بكون ظنّه أقوى، مع أنّ الخصم أيضا ينكره.
فإن قلت: إنّ بناء العقلاء على تقليد من قلّدوه أمس.
قلت: بنائهم أيضا على العمل بالظنّ إذا كانوا عاملين به أمس.
أقول: هذا الاعتراض و الجواب مغاير للاستصحاب، و جوابه لفظا لا معنى.
فإن قلت: فيمن اجتهد مسألة، الاحتياط فيها غير مستلزم للعسر و الحرج.
قلت [أوّلا]: دليل بطلان الاحتياط لم يكن منحصرا في لزوم العسر، بل كان منه الإجماع.
و ثانيا: نحكم بلزوم العسر فيمن اجتهد أكثر الفقه ببطلان الاحتياط، و نتعدّى إلى ما فرضت بالإجماع المركّب؛ فتأمّل.
فإن قلت: يعمل على الاحتياط ما تمكّن منه، و يعمل بظنّه فيما عداه.
قلت أوّلا: تحديد هذا القدر أيضا، مستلزم للعسر.
و ثانيا: بظهور الإجماع على عدم وجوبه.
و ثالثا: ظهور تقدّم القول بالفصل فيما انجرّ الاحتياط إلى العسر و فيما لم ينجرّ، و بعد ما ثبت بالدليل العقلي لزوم العمل عليه بظنّه، يصير الرواية و الشهرة من باب المؤيّدات.
المقام الرابع: في أنّ وهم المتجزّي حجّة لنفسه، أم لا؟
بمعنى أنّه استفرغ وسعه في تحصيل الظنّ و لم يحصل له، و صار شاكّا، فهل يتمكّن من إعمال أصل البراءة و نظائره من الأصول الفقاهتيّة، أم لا بدّ له من الرجوع فيه