ليس على ذلك، فإنّهم لا يسألون عن الشاهد: هل اعتقادك من الدليل أم لا؟ و ليس بنائهم على ردّ الشهادة إن كان الاعتقاد عن الدليل.
الخامس: إنّه لو كان واجبا، للزم العسر و الحرج الشديد، فإنّهم إن كانوا مكلّفين على المعرفة بالدليل، لكان اللازم عليهم ترك أمور معاشهم و الاشتغال بتحصيل الدليل، و ذلك ممّا لا يحصل إلّا بعد معانات النفس و الاشتغال بالتحصيل سنين كثيرة، حتّى يتيسّر لهم فهم الأدلّة، و بذلك يختلّ النظام.
و كيف و ما كان، فعدم لزوم الاشتغال على العقائد واضح عند من تدبّر في الناس سيّما في عوامهم، و سيّما في النساء و الوالدان في أوّل البلوغ.
و بعد ما ثبت عدم وجوب الاستدلال، فالمعتقدون من دون دليل يترتّب عليهم أحكام المسلمين جميعا، من الطهارة و قبول الشهادة، و كونهم ناجين في دار الآخرة، إلّا أنّ رتبتهم دون من حصل العقائد بالأدلّة.
المقام الثاني: في أنّه هل يكفي الظنّ في أصول العقائد، أم لا؟
في ترتّب أحكام الإسلام.
و الحقّ: أنّ هذا الظانّ إمّا متمكّن من تحصيل العلم أو لا؛ و على الثاني، ليس مكلّفا بتحصيل العلم، حذرا من لزوم التكليف بما لا يطاق، فهو معذور في الآخرة؛ و أمّا ترتّب أحكام المسلمين عليه في الدنيا، ففيه إشكال، لعدم شمول المؤمن إيّاه، ففي المعذوريّة و عدمها هو معذور في الكفاية و عدمها، فالحقّ عدم الكفاية.
و إن كان متمكّنا منه، فهو ليس بمعذور لتقصيره، و ليس هذا القدر كافيا، للأمر بالعلم في الأصول، و للعمومات الدالّة على حرمة العمل بالظنّ الظاهرة، و للعمومات الدالّة على حرمة العمل بما وراء العلم، و الاستصحاب، و قاعدة الاشتغال.
و كيف ما كان، الظانّ في أصول الدين شاكّ، و من يترتّب عليه حكم الإسلام هو المعتقد لا الشاكّ.