و أمّا إذا التفت بالواقع بعد خروج الوقت، و شكّ في المطابقة و عدمها، فإن كان قاصرا لا يلزم عليه القضاء، لعدم الدليل على وجوبه عليه، لا من الاستصحاب و لا من عموم دليل القضاء، بل الأصل عدمه، و إن كان مقصّرا يلزم عليه القضاء، لقاعدة الاشتغال و استصحاب الأمر.
المقام الثالث: فيما كان الجاهل جاهلا بالموضوع،
كما لو كان عالما بحرمة الصلاة مع كشف العورة و وجود النجاسة مثلا في الثوب و البدن، و ببطلانها في هذه الأحوال، لكن جهل بالموضوع، فهل مقتضي الأصل لزوم الإعادة و القضاء فيما لو انكشف مخالفة الواقع، أم لا؟
فنقول: إنّ الشروط على ثلاثة أقسام، منها ما هو شرط علمي، أي شرط للعالم، ككون مكان الصلاة غير مغصوب مثلا؛ و منها شرط وجودي، أي شرط لصحّة العبادة المشروط به، و يبطل مع عدمه، و لا مدخليّة للعلم و الجهل، كالوضوء للصلاة و ككون الماء مطلقا مثلا؛ و منها ما هو شرط وجودي و علمي، كلاهما كما في الأجنبيّة، فإنّها شرط وجودي و علمي، للزوم الحدّ، بمعنى أنّه يلزم الحد إذا كانت المزني بها أجنبيّة في الواقع، و يكون الزاني عالما بها، بانتفاء كلّ واحد ينتفي المشروط.
فلو كان ذلك الموضوع الذي هو شرط في العبادة من الشرائط العلميّة، فلا يلزم عليه القضاء و لا الإعادة؛ و إن كان من الشرائط الوجوديّة أو من القسم الأخير، فهو ليس بمعذور فيه؛ و الوجه واضح و إن كان شرطيّته معلومة، و كان الشكّ في أنّه شرط وجودي أم لا؟
فالحقّ: كونه من الشرائط الوجوديّة، لوجوه ثلاثة:
الأوّل: إنّ الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الأمريّة، ففيما قال الشارع لا صلاة إلّا بطهور مثلا، معناه أنّه لا صلاة في الواقع إلّا بالطهور الواقعي، و لا مدخليّة للعلم