و قد عرفت أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة، إطلاق و تفصيلان؛ نعم، يظهر من صاحب الحدائق قول رابع و هو المعذوريّة مطلقا إلّا في مواضع خاصّة، لكن لا مستند له بعد ما عرفت المقدّمات، فاعلم أنّ
هنا مقامات:
المقام الأوّل: في المقصّر
الجاهل بالجنس و الفصل لو أتى بعمل، و كان الوقت باقيا مع تمكّن ذلك المقصّر من التعلّم بالفعل، و يتصوّر للمسألة صور ثلاث:
الأولى: ما لو حصل له العلم بالمطابقة.
الثانية: ما حصل له العلم بالمخالفة.
الثالثة: ما لو كان شاكّا في المطابقة و عدمها، فهل يلزم عليه الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه، فيما لو أخلّ بالإعادة في الوقت، أم لا يلزم عليه الإعادة و القضاء؟
و الحقّ في الصورة الثانية: لزوم الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه، و يدلّ على الأوّل وجوه:
الأوّل: ظهور الإجماع، فإنّ الأقوال في المسألة ثلاثة، و لزوم الإعادة لكون ما أتى به فاسدة على كلّ واحد من الأقوال ظاهر، و مخالفة من قال بالمعذوريّة مطلقا غير مضرّ بدعوى الإجماع، على أنّه يمكن أن يقال: إنّ انصراف حكمه بالمعذوريّة على الإطلاق إلى هذه الصورة أيضا ممنوع، بمعنى أنّه أيضا موافق لنا في الحكم في هذه الصورة.
أقول: يمكن أن يقال: إنّ جهة الإجماع تعبّديّة، لأنّ المشهور حاكمون بلزوم الإعادة، لأنّ بنائهم على عدم معذوريّة الجاهل مطلقا، و المقدّس الأردبيلى حاكم به لكون عمله غير مطابق للواقع، و الفاضل القمي (رحمه اللّه) حاكم به لكونه مقصّرا؛ و بعد ما كان الجهة التقييديّة، لا يمكن بمحض الاتّفاق على لزوم الإعادة دعوى الإجماع عليه و الاستدلال به، لسقوطه عن درجة الاستدلال؛ فتأمّل.
الثاني: الشهرة، فإن جلّ الأصحاب إن لم نقل كلّهم، ذهبوا إلى لزوم الإعادة في