فانّ المريض الّذى عدل عن طبيبه، الى طبيب آخر، غير مؤاخذ عندهم.
و هذا فى واقعة واحدة فكيف الأمر فى الوقائع المتعدّدة.
فكذلك فى الشرع ايضا، لأنّ الثابت من التكليف هو الواقع المنجّز للمكلّف حسب رأى المفتى، لا الواقع الواقعى لانّه لا يكون فى اختيار المكلّف.
و على هذا، فاذا عمل المكلّف على رأى المجتهد الأوّل فقد أتى بما تنجّز عليه، و اذا عمل بفتوى المجتهد الثانى فقد أتى بما تنجّز عليه حسب ما أفتى به الثانى. و حينئذ كان عمل العامى المقلّد على طبق رأى مجتهده، و منجّز له و لا عقاب عليه، لأنّه عمل بالوظيفة حسب ما تنجّز عليه. و هذا كلّه بمقتضى ما يستفاد من اطلاق الأدلّة للتقليد.
قياس حجيّة الفتوى بحجيّة الخبر على ما سلكه القوم:
و امّا ما سلكه القوم فى المقام، هو القياس من حجيّة الفتوى بحجيّة الخبر.
بتقريب انّ حجيّة الفتوى، امّا من باب الطريقيّة، و امّا من باب الموضوعيّة على التفصيل الّذى فى محلّه.
فان كانت من باب الطريقيّة، فهى منجّزة للواقع على تقدير الإصابة، و معذّرة عنه عند الخطأ.
و مع فرض التعارض، فلا معنى لمنجّزية كلّ واحد منهما، لعدم احتمال الإصابة فى كليهما، لكن لا مانع من معذورية كلّ منهما. بل لا بدّ من القول به هنا، للاجماع على عدم تساقط الفتويين، و الرجوع الى غير الفتوى، لأنّ الفرض انحصار الطريق فى اتّباع الفتوى.
كما نقول بعد التساقط فى الخبرين المتعارضين، للاخبار العلاجيّة الأمرة بالأخذ بأحدهما تعيينا تارة، و تخييرا اخرى.