قال المحقق الوحيد البهبهانى صاحب المدرسة الأصوليّة المتأخّرة، فى كلماته، انّ من جملة الشرائط لتحصيل الاجتهاد فى الدّين، وجود القوّة القدسيّة للمعرفة فى احكام الدين. و لا بأس لنا ان نذكر ما قاله، مزيدا للفائدة هنا.
قال (قدّس سرّه) فى كتابه (الفوائد): ان شرط الاجتهاد، هى معرفة العلوم اللغوية، لانّه ان لم يعرفها فربّما يزلّ، فيضلّ و يضلّ ... و معرفة عرف العام و الخاص الذى هو حجّة فى الفقه ...، و معرفة علم الكلام لتوقّفه على معرفة اصول الدين بالدليل و الّا لكان مقلّدا ... و معرفة علم المنطق لشدّة الاحتياج الى الاستدلال فى الفقه و فى العلوم التى هى شرط فى الاجتهاد لأنّ الجميع الى نظريات ...، و علم اصول الفقه، و الحاجة اليه من البديهيات كما صرّح به المحقّقون و هو العلم ليس بحادث بل كان فى زمن المعصوم (عليه السلام) ...، و معرفة العلم بالاحاديث المتعلّقة بالفقه، و معرفة العلم بالتفسير، و معرفة فقه الفقهاء و استدلالهم فى تحقيقاتهم، و كونه شرطا غير خفى على من له ادنى فطانة، اذ لو لم يطّلع عليها رأسا لا يمكن الاجتهاد و الفتوى ...، و من جملة الشرائط القوّة القدسيّة و الملكة القويّة الإلهيّة، و هى اصل الأصل فى جملة الشرائط للاجتهاد، فانّه لو وجد عنده، ينفع باقى الشرائط و ينتفع من الأدلّة و الأمارات الشرعيّة و التنبيهات، بل و بأدنى اشارة يتفطّن بالاختلالات و علاجها ....
و هذا الشرط الأصيل يتضمّن امورا:
الأوّل: ان لا يكون معوّج السليقة، فانّه آفة للحاسّة الباطنة كما انّ الحاسّة الظاهرة بما تصير مألوفة ...، و طريق معرفة الاعوجاج، العرض على افهام الفقهاء و اجتهاداتهم،