فيما اذا دار الأمر بين الأعلم و الأورع الغير الأعلم مع اختلاف الفتوى، فيكون الاتّفاق على وجوب تقدّم الاعلم.
و السرّ فى ذلك هو انّ هذا الدّوران اذا كان بين الأعلم الأورع، و بين الأعلم، فالأورع مقدّم، بعد فرض التساوى بينهما فى العلم و الاجتهاد، و امّا اذا كان الاورع غير الأعلم، فمعلوم من انّ ما هو دخيل فى الحجيّة و الأقربيّة الى الواقع هو مهارة الفقيه فى الاجتهاد لا مجرّد الأورعيّة.
و ما يتوهّم من التهافت بين القول بالرجوع الى الأورع فى الفرع السابق، و عدم الرجوع اليه فى هذا الفرع، لا وجه له. لما ذكرنا من عدم دخل الورع فى الحجية بخلاف الأعلميّة، فانّها دخيلة فيها جدّا و غير الأعلم فتواه ليس بحجّة شرعا، فلا تعارض بينهما. فالمتعيّن هو الرجوع الى الأعلم فى هذا الفرع ايضا لا الأورع الغير الأعلم.
الأمر الخامس:
ارجاع الأعلم الى غيره.
و هو انّ الأعلم هل يجوز له ارجاع مقلّديه الى المجتهد الغير الأعلم، ام لا.
و عن الشّيخ الأعظم عن بعض معاصريه، القول بعدم جواز الارجاع، و الجواب عنه بان الكلام ان كان فى جواز إفتائه، فلا وجه لمنعه، لانّه يفتى حسب ما أدّى اليه رأيه و نظره العلمية بمقتضى الدليل الشرعى.
و ان كان الكلام هو صحّة عمل المقلّد، فهى ايضا لا اشكال فيها بعد جواز التّقليد و علم المقلّد بجوازه فى هذه المسألة بعد الرجوع الى الأعلم و العمل برأيه.