صيانتها عن الاندراس، و وجوب الاحتفال عن الشريعة المقدّسة عن الاضمحلال.
و يؤيّد ما ذكرنا، ما ورد من الأخبار كثيرا فى تفسير هذه الآية المباركة على الطريق الّذى ذكرناه. [1]
فالاجتهاد حينئذ يكون واجبا كفائيا لذلك المهمّ الشرعى الدّينى الاسلامى.
الاجتهاد واجب تخييرى:
ثمّ انّ الاجتهاد واجب تخييرى، و عند هذا المنظر يكون هو، عديل اخويه من التّقليد و الاحتياط.
و قد قسّموا الواجب التّخييرى فى صناعة علم اصول الفقه الى تخيير عقلىّ و تخيير شرعىّ. و يقصدون من التّخيير العقلى، هو التّخيير بين افراد طبيعة واحدة واجبة، كتخيير المكلّف بين افراد صلاة واجبة، باتيانها من حيث الافراد و المكان و الزمان.
و يقصدون بالتّخيير الشرعى، ما اذا لم يكن بين عدلى التّخيير جامع حقيقى، و يكون الواجب كلّ واحد من الأمرين، لكنّه بحيث لو أتى باحدهما، فقد عمل بالواجب، و سقط الآخر عن عهدة الوجوب، كالتّخيير بين خصال الكفارة.
و نقصد بتخيير المكلّف بين الاجتهاد و التّقليد و العمل بالاحتياط، هو انّ الواجب عند العقل احد هذه الأمور الثلاثة من الاجتهاد و التّقليد و الاحتياط على سبيل منع الخلوّ فى اصطلاح المنطقيين.
فالمراد من هذا التّخيير، هو انّ العقل حاكم بانحصار طريق الاطاعة فى العمل باحد هذه الطّرق الثلاثة، لكلّ مكلّف يؤمن باللّه تعالى و برسوله، و يعلم أنّ تشريع الأحكام، من اللّه سبحانه، الزاميّة حتميّة، و يعلم انّه ليس بمهمل من جانب اللّه فى افعاله، فامتثال تلك الأحكام واجب حتمىّ عند العقل من المكلّف لتحصيل الأمن من العقاب.