امّا حكم التّقليد فيمن له قوّة الاستنباط، فيجب عليه الاستنباط فيما هو المبتلى من الأحكام، او يجوز له التّقليد، ففيه خلاف ظاهر.
و قد تقدّم البحث فى باب الاجتهاد، و لنا فى هذا المقام تفريع و تذييل لازم، و هو.
انّ المشهور عند الأصحاب، هو الوجوب و عدم جواز التّقليد. و قد خالف فى ذلك، السيّد فى المناهل على ما نسب اليه، لعدم فعليّة الحكم عليه قبل تحقّق الاستنباط منه.
و لكن الصحيح هو قول المشهور كما مرّت الإشارة منّا فيما سبق فى بحث الاجتهاد.
فإنّ مقتضى دليل التّقليد هو انّ الجاهل و من ليس له حجّة و لم يتمكّن اليها، ان يرجع الى العالم و من عنده الحجّة. و امّا من له قدرة الاستنباط فهو لا يكون جاهلا، بل له القوّة لتحصيل الحجّة اذا رجع اليه فى تحصيلها.
و ليس المراد من الجاهل هو الجهل بالفعل كذلك، حتّى يقال انّه يصدق عليه انّه جاهل فيلزم و يجوز له الرجوع الى العالم، لأنّ العقل بعد تحيّره فى الحكم، يحكم بالرّجوع الى الغير فى تحصيل العلم به. و من له القدرة و القوّة فى الاستنباط و تحصيل الواقع، لا يكون متحيّرا فى جهله.
و هكذا الكلام فى الأدلّة اللّفظية للتقليد، فان من يكون متفقها فى الدّين و يكون من اهل الذّكر، لا يكون مشمولا لدليل الرّجوع الى الفقيه و اهل الذّكر.
لأنّ هذا الدليل الشرعى يكون لمن لا يعلم و لا يتّفقه بل يكون عاميّا محضا. لا لمن