كالأمارة. نعم الفرق بين الفتوى و الإمارة مثل الخبر، هو انّ الامارة تكون طريقا للواقع بنفسه، و لكن الفتوى تكون طريقا الى الطريق، و هو رأى المجتهد، فإنّ رأيه حجّة شرعا، و الفتوى طريق لتحصيل رأيه و نظره فى الحكم الشرعى.
فوجوب التّقليد ارشاد الى الواقع و مقدّمة له فلا مصلحة فى نفسه الّا الوصول الى مصلحة نفس الواقع المرشد اليه. فيكون التّقليد فى الأعمال الشرعيّة. مختلفا مع الأعمال اعتبارا، و متّحدا معها خارجا.
استناد العامىّ عمله الى فتوى المفتى:
فهل يجب على العامىّ فى اعماله و افعاله الشرعيّة، الاستناد الى فتوى مجتهده و من يرجع اليه فى تقليده زائدا على العمل، ام لا؟
و الصّحيح هو انّ ما اتى به من العمل الشرعى مطابقا للواقع حسب ما أفتى به مجتهده، و قد تمشى منه قصد القربة، فقد تم عمله، و لا يلزم فى صحّة العبادة اكثر من هذين الأمرين، مطابقة العمل للواقع حسب تكليفه، و وجود قصد القربة معه.
هذا فيما اذا كان عمله مطابقا للواقع.
و امّا اذا كان عمله مخالفا للواقع حالكونه مطابقا لفتوى مجتهد، فاللازم حينئذ وجود العلم بالحجّة فى عمله، و هى فتوى مجتهده كى يكون العامى مأمونا من العقاب فى ما أتى به من العمل المخالف للواقع.
ففى هذه الصورة يكفى نفس المطابقة بين العمل و فتوى المجتهد و العامى يعلم فتواه، و قد تمّ الوظيفة من جانب العامى من حيث المعذورية فى فعله، و انّ فعله ليس مخالفا للواقع.
فلا يحتاج فى فعل العامىّ زائدا من العمل و الاستناد الى فتوى المجتهد، بل يكون التّقليد نفس العمل على ما بينّاه فى محلّه. نعم اعتبار العلم بالفتوى واجب، لاشتراط حجيّة الحجّة بالوصول، فما لم تصل الحجّة، فلا حجيّة له.