و قال تعالى: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ، قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ[2].
و قد حكم هاتان الكريمتان بحرمة اتّباع الآباء الجهلة فانّه يكون من باب تقليد العمياء القبيحة فى نظر العقل و الدّين.
فالقرآن يذمّ قوما يتّبعون و يقلّدون آبائهم الّذين لا يعلمون شيئا و لا يهتدون.
فانّ الرجل من جهة كونه أبا لا صلاحية له للاتّباع معه انّه جاهل بالطريق و من هو جاهل بالطريق و لا يعرف، كيف يقدر على إراءة الطريق.
قال اللّه تعالى: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً.[3]
و قال تعالى: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ.[4]
تفيد هذه الآيات الكريمة بعدم جواز اتّباع الظّنّ فانّه لا حجّة له، و هذا الاتّباع هو التّقليد الأعمى و لا يصلح ذلك و قبيحا عند العقل و الشرع. هذا بالنسبة الى التّقليد بحسب الأصل الأولى فى الشرع الأنور.
الأصل الثانوى فى جواز التّقليد:
و امّا الأصل الثانوى عند الشرع هو جواز التّقليد، و انّ رجوع الجاهل الى العالم و اتّباعه و التّقليد منه، حسن راجح و لازم شرعا و كذا عقلا.
لانّ الّذى يجب ان يتّبع هو العالم العارف بالطّريق، دون من سواه.
فثوب الحجّة هو لباس العلم، اعنى الوثوق و الاطمينان. و اتّباع العالم، هو تقليد عنه و مستحسن عند العقل و الشرع بالأصل الثانوى، لمن لا يعلم و يكون عاميا عمّا هو بصدده.