و التّحقيق عندنا هو انّ التّقليد، لا يكون الّا نفس العمل مستندا الى فتوى المجتهد، و لا يكفى مجرّد الالتزام فقط دون العمل، فانّ العامىّ يقلّد مجتهده، لا انّه يقلّده اوّلا ثمّ يعمل على طبق التّقليد منه، بل التّقليد هو نفس العمل فحسب.
فلا يكون اخذ الرسالة من مجتهد، هو تقليد منه.
لأنّ المقلّد يجعل عمله كالقلادة فى رقبة مجتهده على ما فسّره القوم، لانّه عمل بفتواه، فاخذ الرّسالة، ليس بجعل شىء فى عنق صاحبها حتّى يصير ذا قلادة.
وقوع الخلط عند القائلين بالالتزام:
و توضيح الكلام هو أنّ القائلين بالالتزام، قد خلطوا بين التّقليد و بعض مقدّماته.
اذ التّقليد صفة عارضة لما فيه التّقليد، فان كان المعروض فى هذه الصفة من مقولة الكلام، فالصفة من سنخ الكلام. و ان كان المعروض من سنخ الكتابة فالصفة من سنخها. و ان كان المعروض امرا قلبيّا اعتقاديّا فالصّفة امر قلبىّ اعتقادى. و ان كان المعروض عملا خارجيّا فيكون الصفة عملا خارجيّا.
و حيث انّ التّقليد فى العمل بالأحكام الشرعيّة، امر من مقولة العمل، لعروضه على فعل المكلّف، و وجوده قائم بوجوده، فلا يجوز سبق الصفة على الموصوف بحسب الوجود، فيكون التّقليد هو نفس العمل بقول المجتهد.