الإمام (عليه السلام) عند الجواب عن سؤاله، يكون فى مقام بيان جميع ما له دخل فى قبول الشهادة. فهذا الإطلاق حاكم بعدم اعتبار المروّة فى ثبوت العدالة.
و كذا اطلاق قوله (ع): اذا كان اربعة من المسلمين، ليس يعرفون بشهادة الزور، اجيزت شهادتهم.
و امّا خبر على بن سيّابة فهو نصّ على عدم اعتبار المروّة.
قال سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن شهادة من يلعب بالحمام؟ قال (ع): لا بأس اذا كان لا يعرف بفسق.
و مثل هذا الإطلاق، خبر علقمة، قال (ع): فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا و لم يشهد عليه شاهدان، فهو من اهل الستر و العدالة، و شهادته مقبولة و ان كان فى نفسه مذنبا.
ثمّ اعلم انه لو كانت المروّة معتبرة فى العدالة لدى الشارع الحكيم، ابان و شاع من جهة كثرة الابتلاء بها. و انت لا تجد الدلالة الى اعتبارها فى الأخبار الواردة بهذا المعنى المتبادر العرفى الموجود بايدينا. و عدم الدليل، دليل العدم.
القائلون باعتبار المروّة فى العدالة:
و امّا القائلون باعتبار المروّة فى العدالة احتجّوا بوجوه:
من الوجوه ما قاله شيخنا الأعظم الانصارى (قدّه) فى رسالته فى العدالة، بعد جملة من الكلام فى المسألة.
فقال (قدّه): ان الأنسب ان يقال ان ذلك انّما يستفاد من لفظى الستر و العفاف الراجعين الى معنى واحد.
فيكون المراد بالسّتر فى الحديث المشهور فى الكافى فى جنود العقل و الجهل، هو ما يقابل التبرّج بما يقبح و يستهجن عند الشرع و العرف، و لا ريب ان منافيات المروّة ممّا يستهجن فى العرف، فهى منافية للستر و العفاف شرعا، و المروّة لازمة للعفاف.
و ظاهر كلامه هو اعتبار المروّة فى العدالة شرعا، لإنّها لازمة للعفاف، و هو ما دلّ