و التّحقيق هو عدم اعتبار المروّة فى العدل زائدا على الكفّ عن الآثام و المعاصى الشرعيّة. و ان كانت للمروّة دخل فى كمال الشخص و عزّه فى العرف، فضلا لاعتبار الشخصيّة. و ذلك، لأنّ فى اعتبار المروّة فى العدل يلزم ان يكون الرجل عادلا عند قوم، و ليس بعادل عند الآخرين، لما قلنا من انّ المحاسن و المساوى مختلفتان فى الأقوام و الاعصار، مع اتّحاد افعاله و عاداته العرفيّة، و لا يجوز اجتماع النقيضين.
و مضافا على ذلك انّ لازم اعتبار وصف المروّة فى العدل، ارتفاع وصفى العادل و الفاسق، عمّن يصلح للاتّصاف بكلّ منهما، اذا كان هو كافّا عن الآثام دون منافيات المروّة العرفيّة. مع ان العدالة صفة للشّخص باعتبار نفسه و اتّصافه بها من غير تابع لمعرفة احد بذلك.
العدالة لها وجود ثبوتى:
فللعدالة وجود واقعى ثبوتىّ، غير تابع لوجودها العلمى الاثباتى على ما حقّقناه سابقا. و لذلك جعلت من ناحية الشرع امارات لمعرفتها عند الجهل بها.
بخلاف صفة المروّة فإنّ ثبوتها عين اثباتها، و وجودها العينى تابع لوجودها العلمى.
و افتراض وجودها مخفيا عن الغير فرض لاجتماع النقيضين.
سيّما ان المروّة، امر يظهر بمجرّد المعاشرة فلا تحتاج الى امارة منصوبة لمعرفتها، و هذا هو الحال فى جميع الأوصاف التى تكون موجوديتها تابعة لمعلوميتها.
المستفاد من اطلاقات الادلة:
و اطلاقات الأدلّة اللفظية ايضا تدلّ على عدم اعتبار المروّة فى العادل كما فى قوله (ع): و يعرف باجتناب الكبائر.
فإنّ المتبادر منه، ان من عرف باجتناب الكبائر، يقبل شهادته بين المسلمين، لهم و عليهم، و لو كان مرتكبا لخلاف المروّة عندهم.
و يدلّ عليه ايضا، الإطلاق المقامى الوارد فى صحيحة ابن ابى يعفور. فان