فهذا التعريف للعدالة مرشد الى العقل العملى المنبعث من الملكة فى النفس حسب ما حكم به العقل النظرى.
و حاصله هو ان العدالة هى الاستقامة فى العمل الدينى فى الشريعة، من غير افراط و لا تفريط، الناشئة عن الملكة النفسانيّة للانسان الحاكم بذلك.
و اليه يرشد قولهم، فالعدالة وسط بين الظلم و الانظلام الخ.
اى لا يكون الإنسان ظالما و لا مظلوما يقبل الظلم من غيره لنفسه، و لا يكون ظالما من نفسه لغيره.
فالعادل، هو الّذى ينتصف من نفسه لغيره و من نفسه و من غيره لنفسه.
و هذا المقصود، هو العمل الخارجى المنبعث من الملكة فى النفس الناطقة.
هذا على ما فسّره علماء الاخلاق من مفهوم العدالة على رأيهم.
العدالة فى الشرع:
و امّا العدالة فى الشرع، فكما انّها ليست مطلق الاستقامة، كذلك ليست الاستقامة الأخلاقيّة، اذ هى قلّ ما توجد فى الأوحدى من النّاس فى كل عصر و مصر، فلا يعقل ان تناط بها الموارد الكثيرة التى تعتبر فيها العدالة شرعا، كما يظهر من اخبارها ايضا.
فانها و إن اعتبرت بعنوانها فى موارد كثيرة، فى باب الطلاق و فى باب الشهادات فى الحقوق و فى الهلال و غيرها، لكن قد عبّر عنها، بعناوين أخر فى تلك الابواب، مثل عنوان العفيف و الصائن، و الصالح، و الخيّر، و المرضىّ، و المأمون، و من علم منه خير، و من عرف بالصلاح فى نفسه، و من يوثق بدينه و امانته، و من لا يعرف بفسق، الى غير ذلك من العناوين.
فيعلّم من هذه التعبيرات المختلفة الصادق كلّ واحد منها مع فقد العدالة الاخلاقية، انّ دائرة العدالة الشرعيّة اوسع من دائرة العدالة الاخلاقية.
و ما ورد فى تفسير حقيقة العدالة الأخلاقية من صحيحة ابن ابى يعفور من قوله (ع):
لا يقتضى اتّحادهما، نظرا الى ان ما فى الصحيحة من اعتبار الستر و العفاف و كفّ