قال المحقق الكمبانى: و امّا عند علماء الأخلاق: العدالة و هى هيئة و ملكة يقتدر بها العقل العلمى على تعديل القوى الثلاثة من العاقلة و الشهويّة و الغضبيّة على حسب ما يقتضيه العقل النّظرى.
فالعدالة عندهم فى القلب مثل الاعتدال فى المزاج فى القالب النفسانى.
و بالجملة، فضيلة القوّة المدركة هى الحكمة، و فضيلة القوّة الشهوية هى العفّة، و فضيلة القوّة الغضبيّة هى الشجاعة، و فضيلة القوّة الغضبيّة هى الشجاعة، و فضيلة النفس الناطقة بما هى عقل عملى هى العدالة، و هى أمّ الفضائل.
كما انّ العلم و الحكمة وسط بين الجربزة و البلادة، و العفة وسط بين الشرة و الخمود، و الشجاعة وسط بين التّهور و الجبن، فكذلك العدالة فهى وسط بين الظلم و الانظلام. فالعادل من ينتصف من نفسه لغيره و من نفسه و من غيره لنفسه، انتهى.
و هذا التفسير للعدالة بالنسبة الى علماء الاخلاق، و مقتضى ذلك الفنّ العزيز الشريف، هو ذلك.
فانّ قوله، ملكة يقتدر بها العقل العملى على تعديل ذلك، حسب ما يقتضيه العقل النظرى.
هو انّ الأعمال الخارجة من الواجبات و العزم على ترك المحرمات، يكون ناشئا عن ذلك الاقتدار النفسانى و الملكة الشريفة الموجودة فى النفس، المقتضية لذلك.
فهو السبب المقتضى المفضى للمسبّب و هو الاعتدال فى الأعمال الخارجة.