قد غاب الإمام (عليه السلام) فى الغيبة الكبرى لحكمة من اللّه تعالى و مصلحة للمسلمين حينما دامت دولة الدنيا بيد الفاسقين ظلما و عدوانا، و قد قال (صلّى اللّه عليه و آله): «فيبعث اللّه رجلا من عترتى فيملأ الارض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.» [1]
و لم يقطع الإمام الغائب عن الأمّة هدايته و عنايته فى مختلف العصور المتمادية، و هو الإمام الّذى يستضيئون بنوره و ينتفعون بولايته فى مدى غيبته كالانتفاع بالشمس و ان تحلّاها السحاب.
النيابة العامّة للفقيه:
و قد اناب عنه رواة الحديث و فقهاء الدين الحنيف فى الغيبة الكبرى، و قد صدر من ناحيته (عليه السلام) «امّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة احاديثنا، فانّهم حجّتى عليكم و انا حجّة اللّه عليهم». و فى هذا النصّ، دلالة واضحة الى ان هذه النيابة العامّة الّتى جعلت للنوّاب حجّة على النّاس، انّما اعطوها من دون اصالة و استقلال، بل هى خاصّة لهم نيابة عن الإمام الغائب (عليه السلام).
تعيين النائب بالوصف العنوانى:
و قد خصّوا بها، بوصفهم، بانّهم رواة الحديث العارفون بما صدر عنهم (عليه السلام)، ليرجعوا اليهم فى تعريف الأمور و تدبير الحوادث ممّن يستطيعون ان يصلوا الى احكام اللّه تعالى بالاجتهاد و الفتوى.
و لم تكن هذه النيابة الّتى اعطتهم الولاية على النّاس مطلقة على الحدّ الّذى ينفى عن ان يكون الامام الغائب حجّة عليهم، و لا يحرزوا رضاه، و هو غائب عنهم و انّ هذه الولاية لم تنتزع من المعصوم، الولاية المطلقة الّتى تستدعى العصمة، و العلم [2][3]