و امّا على مسلك حجيّة الامارات من باب الموضوعيّة الّذى قد مضى بحثه، فلا بدّ من ملاحظة، انحاء الموضوعيّة فى الامارات يلاحظ مع المقام.
فان الموضوعيّة على انحاء ثلاثة.
الأوّل: ما عليه الأشاعرة من انّه لا مصلحة للواقع اصلا، و لكن عند قيام الامارة تحصل مصلحة فى مؤدّاها، فيجب العمل بها، و هذا هو التصويب المحال.
الثانى: هو ان يكون للواقع مصلحة ايضا فى مقابل مؤدى الامارة، و لكن تكون مصلحة العمل بسبب العمل بالامارة غالبة. و هذا لا يلزم منه محذور الدور كما فى القسم الاول لعدم كون الواقع دائر مدار قيام هذه الامارة.
الثالث: ان يكون المصلحة فى التمسّك بالأمارة بدون حصول مصلحة فى مؤداها اصلا، ففى تصديق قول العادل مصلحة لا فى مؤدى قوله. و هذا القسم لا محذور فيه، لا عقلا و لا نقلا على ما عرفت فى جريان البحث.
نتيجة البحث فى المقام:
و الحاصل انّ نتيجة البحث فى المقام عندنا هو انّ المجتهد فى اجتهاده للحكم الشرعى الفرعى سواء كان تكليفيا او وضعيا، ان اصاب الى الواقع فهو مجتهد مصيب، و امّا اذا اخطأ و لم يصب، فهو معذور، لانّه بذل جهده فى الوصول الى حكم اللّه الواقعى من الأدلّة الّتى بايدينا، و اتّفق الخطأ، فانّ للمصيب اجران و للمخطئ اجر واحد.
و لا اشكال عليه بانّ اجتهاده على خلاف حكم اللّه الواقعى، فيلزم فسقه على ما قالوا لقوله تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ* الخ.
لانّه غير عامد فى رأيه و اختياره، و العقل و النقل متّفقان على معذورية مثله، غاية الكلام انّه بذل سعيه و اجتهد الى المطلوب و لم يصب اليه و اخطأ فلا اثم عليه.
و امّا فى الأحكام العقلية، فان كان له منطبق فى العين الخارجى، فيحتمل القول بالتخطئة و عدم وصول المجتهد الى المنطبق عليه فى الخارج.