فاذا كان الحكم شرعيّا فرعيّا، سواء كان تكليفيا او وضعيّا، فلا خلاف بين علماء الإسلام فى تخطئة ما يخالف الحكم الواقعى، ان كان للحكم دليل قطعى من الكتاب او السنّة. و ان لم يكن له دليل قطعى، بان كانت معرفته موقوفة على الفحص و الاجتهاد.
الحكمين المتخالفين فى موضوع واحد:
و أطبقت الإمامية على عدم اصابة حكمين متخالفين معا على موضوع واحد، و قد وافقهم فى ذلك جمع من علماء اهل السنّة، و سمّيت هذه الطائفة بالمخطئة. و صرّحوا فى ذلك بانّ للمصيب اجران، و للمخطئ اجر واحد، لما تحمّله من المشقّة و الكدّ فى سبيل استخراج الحكم و الاجتهاد فى طريق تحصيل الواقع.
و خالفهم فى ذلك جماعة اخرى من علماء اهل السنّة، و قالوا: باصابة كلّ واحد من المجتهدين فى اجتهادهما الى الواقع، سواء كانوا متّفقين فى الاستنباط ام مختلفين، و سمّيت هذه الطائفة بالمصوّبة.
مركزيّة البحث هنا:
و مرجع البحث بين هذين، الى انّه هل للّه تعالى، فى كل واقعة ليس لها دليل قطعى، حكم معيّن مخصوص فى الواقع يجب على المجتهد ان يطلبه و يبذل جدّه فى تحصيله بحيث إن وصل اليه اجتهاده، فقد اصاب الى الواقع، و ان لم يصل فقد اخطأ ام لا يكون كذلك، بمعنى انّه ليس للّه تعالى فى الظنيّات حكم معين مخصوص فى الواقع حتّى يجب الوصول اليه، بل الحكم الالهى فيها تابع و متوقّف على آراء المجتهدين، فما أدّت اليه انظارهم، و انتهت اليه اجتهادهم فهو حكم اللّه تعالى بالنسبة الى ذلك المجتهد فى حقّه و فى حقّ مقلّديه.
فلا يتصوّر فيه خطأ اصلا فى هذه الصورة، فكلّ مجتهد مصيب فى رأيه الى حكم اللّه الواقعى فى حقّه بحسب اجتهاده و استنباطه.