امّا جواز حكم المجتهد المتجزّى و القضاء بين النّاس، و عدم جوازه.
صاحب الكفاية و نظره:
قال المحقّق الخراسانى صاحب الكفاية، انّه اشكل من جواز التّقليد منه. و لكن لم يبيّن سرّه، و الظاهر أنّ السرّ فى عدم تصدّى القضاء، انّه يمكن انّ جواز التّقليد منه دليله هو الفطرة و السيرة العقلائية من رجوع الجاهل الى العالم بالحكم و هو صحيح فى حقّه. و امّا منصب القضاء فهو جعل من الشارع، و لم يكن للفطرة دخل فيه.
و بيان ذلك، أنّ القضاء بين الناس منصب من المناصب الالهيّة و كلّ منصب كذلك موقوف على النصب من ناحية من له الولاية على ذلك، من دون فرق بين المناصب الالهيّة و المناصب البشريّة.
الأصل العقلى فى المقام:
انّ الأصل العقلى و العقلاء و الشرع، حاكم بعدم نفوذ حكم احد على احد، و حاكم بعدم صلاحية احد للقضاوة، سوى من علم خروجه عن هذا الأصل، بالنصب.
و من المعلوم خروج المجتهد المطلق الجامع للشرائط عن هذا الأصل بنصّ من الشارع بالدليل على ما بأيدينا، فانّ المناصب الالهيّة تتوقّف على اخبار من جانب اللّه تعالى، إمّا رأسا كما فى انبيائه و رسله و اوليائه، و إمّا بواسطة رسله و اوليائه.