ثمّ انّ الظاهر فى مقبولة عمر بن حنظلة و امثالها، اعتبار فعليّة الاستنباط فى الأحكام للقاضى فى الحكم، بشهادة قوله (ع): و نظر فى حلالنا و حرامنا، و هو ناظر الى فعليّة الاستنباط، فلا يكفى صرف وجود القوّة و الملكة فى نفوذ حكم القضاء.
الواجد للملكة غير المستنبط الأحكام فعلا، لا يكون منصوبا من قبل الشرع لمنصب القضاوة، فانّ المناصب الالهيّة تتوقّف على اخبار من اللّه تعالى، امّا رأسا او بواسطة رسوله و اوليائه، و لم يعلم نصب من لا يستنبط الأحكام فعلا لهذا المنصب و ان كان له ملكة الاستنباط.
المتجزّى و احكامه فى القضاء:
و اختلفوا القوم فى المجتهد المتجزّى الاجتهاد لمنصب القضاوة. من حيث انّ الاجتهاد فى خصوص القضاء هل يكفى لتصدّى منصب القضاء، ام يجب الاجتهاد فى جميع الأحكام؟ فيلزم ان المجتهد المطلق يتصدّى هذا المنصب. ففيه خلاف.
و التّحقيق عندنا، الجواز بالنسبة الى تصدّى المجتهد المتجزّى هذا المنصب.
لأنّ الاجتهاد ليس الّا وجود الملكة للاستنباط، و مع تحقّق الاستنباط بمقدار يعتدّ به من الأحكام و لو فى أحكام القضاء، فيكفى فى تحقّق استنباطه و يصدّق عليه فى الجملة و ان لم يكن استنباطه بالنسبة الى الجميع لعدم تمكّنه. و سيأتى تفصيل الكلام فى بحث المجتهد المتجزّى.
و امّا المجتهد المتجزّى المنصوب من جانب المجتهد المطلق فى منصب القضاء، فلا اشكال فيه اصلا، فانّه منصوب، و القاضى المنصوب العالم باحكام القضاء لا مشكل فيه.