و من تأمل «نهج البلاغة، و الصحيفة الكاملة، و اصول الكافي، و توحيد الصدوق» بعين البصيرة ظهر له من أسرار التوحيد و المعارف الالهية، ما لا يحتاج معه إلى دليل، و اشرق في قلبه من نور الهداية ما يستغنى به عن تكلف القال و القيل.
و رأيت فى كلام بعض المحققين ما حاصله: إن المعارف الالهية تفاض على القلب إما من باب الكشف و الالهام، أو بالبحث و النظر أو بتعليم المرشد الكامل و تقليده، و البحث و النظر يرجع إلى حكم العقل و صاحبه مقلد لعقله الذي يجوز عليه الخطأ، فانحصر طريق الوصول إلى الحق في الكشف الالهامي و التقليد، و الكشف إن وجد فلأفراد معدودين و مادة علومهم مقتبسة من مشكاة النبوة، لا من عقولهم فلم يبق طريق إلى الحق يسهل سلوكه الا التقليد، فليكن ذلك «لمن لا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ» و لا يجوز عليه الخطأ و هم الأنبياء و الأيمة (عليهم السلام).
(الفصل السابع)
قد شرحنا لك طريق الاجتهاد عند الخاصة و العامة و بينا طريق القدماء و أصحاب الأيمة (ع) بحيث لا يمكن انكار التباين بين الطرفين و ذكرنا أصول «مسائل الأصول» التي اعتبرها المتأخرون و اختلاف العقلاء فيها، فهل يجوز من الحكيم أن يتعبد بها خلقه، مع ما تؤدي إليه من الخلاف الموجب للفتنة و الفساد؟.
و قد دبر العامة تدبيرا سياسيا لدفع المنازعات، فأجمعوا على وجوب تقليد أربعة من مجتهديهم الموتى لا غير، و أن لا يعترض على أحد من مقلديهم،