يكتفوا بما يكفيهم فى صحة العمل من ذلك ألفة اذهانهم بالقواعد التي توهموها ادلة شرعية حتى تحيروا في الجمع بينها و بين الاخبار؛ فخلطوا ما يحتمل الخطأ و الصواب من ادلة العقل بالمنقول الذي لم يظهر [1] لهم في الاغلب وجه الحكمة فيه فأوجب ذلك لهم الحيرة.
و من ذلك ميلهم إلى الدقة و معرفة علل الاشياء بحكم العقل و عدولهم فى الغالب عن تلقي الاحكام من باب التسليم حتى انه ربما توقفوا عن الحكم بمضمون بعض الاحاديث الصحيحة عندهم و تحيروا فى ذلك اذا خالفت قواعدهم.
و من ذلك جمود طبع بعضهم و اعوجاج فهمه، مع اعتقاده في نفسه الفهم و الذكاء، و اصل ذلك كله حصرهم صحة الحديث في عدالة الراوي و غفلتهم عن انه القرينة [2] من جملة القرائن التي كانت عند القدماء و ليست الصحة منحصرة فيها عندهم.
فان قلت: يلزم مما ذكرته الحكم بمخالفة المتأخرين للقدماء و نسبة الخطأ إليهم و كونهم مؤاخذين مع صلاحهم و تقواهم.
قلت: اما المخالفة فلا سبيل الى انكارها، و اما التقوى فانما نمنع [3] عن تعمد الخطأ لا عن السهو و الغفلة، و قد بينا لك الطريقين، فميز بعقلك الصواب من الخطأ.
و المتأخرون غير مؤاخذين و لا اثم عليهم اذ لم [4] يتعمدوا ذلك، و اما من اطلع على اختلاف الطريقين فلا عذر له في الاعراض عن طلب