بالاجتهاد ظن بالحكم يحتمل الخطأ، و أن الاجتهاد لا يجري فيما علم من الدين بطلانه ضرورة؛ كقدم العالم. أو ثبوته؛ كحدوثه.
فهذا هو الاجتهاد عند العامة، فما كان فيه من الحق فهو مما وصل إليهم من كلام الأيمة (ع) و ما كان فيه من الباطل فهو من بدعهم المحدثة.
(الفصل الثاني)
في ابتداء اطلاق لفظ «الاجتهاد» على طريق الامامية في معرفة الأحكام الشرعية و تسمية العالم منهم «مجتهدا» و بيان طريق المتأخرين في ذلك.
اعلم: أن أصحاب الأيمة (ع) كما قلناه مرارا لم يكونوا يعولون في أصول الدين و لا فى فروعه؛ إلا على كلام أيمة الهدى- ع-، و كان فيهم جماعة من العلماء المدققين؛ كهشام بن الحكم و مؤمن الطاق و محمد الطيار و غيرهم.
فكانوا يأخذون مسائل اصول الدين عن الأيمة (ع) و يؤيدونها بالبراهين القاطعة العقلية، و يأخذون مسائل الفروع و يعملون بها من باب التسليم من غير بحث عن عللها و اسبابها، و كانوا في اغلب الأحوال يمكنهم لقاء الامام (ع) لعدم انتشارهم في البلاد؛ لانحصار الشيعة في زمان امير المؤمنين (ع) في بلاد الحجاز و عراق العرب إلا ما شذّ.
و دام الأمر كذلك إلى قرب زمان الصادق (ع) فأدركت العناية الأزلية قوما من العجم فاهتدوا إلى الحق و كان أكثرهم فى «قم» فكانت خواص الشيعة منحصرة في هذه الاماكن، و كان منهم جماعة فى بلاد الشام، و لكن كانوا مستورين خوفا من بني امية؛ و لذلك كان اكثر اصحاب