وقصارى الفرق بين الأساسين : أنّ الحائز المباشر الذي قصد بالحيازة غيره يملك المال المُحاز على الأساس الأوّل ؛ لأنّ الجانب المادّي من الحيازة قد تحقّق منه ، وأمّا على الأساس الثاني فلا يملكه .
الجهة الثانية : فيما إذا وكّل فردٌ غيره في الحيازة له ، فحاز الوكيل لموكّله وهذا هو نفس الغرض السابق ، مع زيادة فرض الوكالة ، فبعد الفراغ عن عدم تملّك المُحاز له في الفرض السابق يتركّز الكلام هنا في سببية الوكالة ، لتملّك الموكّل لِما يحوزه الوكيل من ثروات الطبيعة .
وما يمكن أن يقال في تبرير هذه السببية هو : أنّ فعل الوكيل ينتسب بالوكالة إلى الموكّل ، فتكون حيازة الوكيل حيازة للموكِّل كما يكون بيع الوكيل بيعاً لموكِّله ، فيتمّ بذلك سبب الملكية بالنسبة إلى الموكّل .
والجواب على هذا البيان : أنّ انتساب فعل الوكيل إلى الموكّل إنّما هو في الأمور الاعتبارية كالبيع والهبة والإجارة لا في الأمور التكوينية التي يكون انتسابها تكوينياً . فبالوكالة يصدق على الموكّل أنّه باع كتابه إذ باعه وكيله ، ولكن لا يصدق عليه أنه زار فلاناً إذا وكّل شخصاً في زيارته ؛ لأنّ انتساب الزيارة للزائر تكويني ، بخلاف انتساب البيع إلى البائع فإنّه اعتباري قابل للتوسعة عرفاً بالوكالة . والحيازة بوصفها استيلاءً خارجياً هي من نوع الزيارة التي لا تنتسب إلى غير الزائر بمجرّد الوكالة ، وليست من قبيل البيع والهبة .
وعلى هذا الأساس نقول : إنّ صحّة الوكالة في الأمور الاعتبارية المشروعة بأدّلتها ، كالبيع ونحوه من المعاملات ، على وفق القاعدة ، ويكفي فيها نفس الأدلّة الأوّلية العامة كدليل صحّة البيع من المالك مثلاً ؛ لأنّ الوكالة ـ نظراً إلى أنّها تؤدّي إلى انتساب بيع الوكيل إلى الموكل ـ تحقّق بذلك مصداقاً لإطلاق