الذي يمارس الإنتاج ؛ لأنّها تعتبر خادمة له وليست في مستواه [1] .
وهكذا نحصل باستخدام البناء العُلْوي المتقدّم على الأساس الإسلامي لتوزيع ما بعد الإنتاج ، ونبرهن في ضوئه على صدق الصورة التي قدّمناها عن النظرية الإسلامية عند مقارنتها بالنظرية الرأسمالية .
ولنواصل الآن اكتشافنا ، ولنأخذ بدراسة جانب آخر من النظرية وإبرازه عن طريق مقارنتها بالماركسية وتحديد أوجه الفرق بينهما .
[1] ويكفينا في الحصول على هذه النتائج من الناحية النظرية ، بناء البحث على أساس النقطتين الأخيرتين من النقاط الثلاث التي لخصنا فيها مدلول البناء العُلْوي ، فحتى إذا لم نعترف بالنقطة الأولى كان البناء النظري الذي شيّدناه صحيحاً ، فلنفترض أنّ الوكيل إذا أنتج لموكّله شيئاً من ثروات الطبيعة الخام ، لم يملك تلك الثروة التي أنتجها ، بل ملكها الموكِّل ـ وهذا ما أرجّحه بوصفي الفقهي (راجع ملحق رقم 15) فإنّ هذا لا يتعارض مع المبدأ القائل : إنّ الإنسان المنتج هو وحده صاحب الحقّ في الثروة التي ينتجها ؛ لأنّ الإنسان المنتج هنا يتنازل بنفسه عن هذا الحقّ ويمنح الثروة شخصاً آخر ، حين يقصد الحصول على الثروة التي ينتجها إنّما يرتبط بالنقطة القائلة من البناء العُلْوي : بأن وسيلة الإنتاج المادّية لا تشارك العامل في الثروة المنتَجة ، وبالنقطة الأخرى التي تقول : إنّ الرأسمالي ليس له أن يمتلك الثروة التي يحوزها العامل لمجرد شراء العمل منه وتجهيزه بالمعدّات اللازمة للإنتاج .
وهكذا يتّضح الفرق جوهرياً بين فكرة تملّك الموكّل الثروة التي يحوزها وكيله ، وبين فكرة تملّك الفرد الثروة التي يحوزها أجيره ، فإنّ الفكرة الثانية رأسمالية بطبيعتها ؛ لأنّها تمنح رأس المال النقدي والإنتاجي الحقّ المباشر في تملّك الثروة بدلاً عن العمل الإنساني ، وعلى عكس ذلك الفكرة الأولى التي تعترف للعامل بحقّه في الثروة ، وتعتبر وكالته عن فرد آخر في احتطاب الخشب من الغابة مثلاً تعبيراً ضمنياً عن منح العامل ملكية الخشب الفردَ الآخر ، وتنازله له عن الثروة . (المؤلّف (قدّس سرّه)) .