إن الله سبحانه وتعالى كما يحتج على الإنسان بعقله لتعيين الحق والإذعان به، وتصديق من ينبغي تصديقه لصدقه وأمانته، تبعاً لقيام الحجة بذلك، وتمامية الأدلة عليه، كذلك يحتج عليه بعقله لرفض الباطل عند قيام الدليل على بطلانه، وعدم التعويل على من لا ينبغي تصديقه، عند قيام الشواهد على أنه ليس أهلاً لأن يصدق.
فمثلاً: يفترض في الدين أن يكون هو الحقيقة المقدسة المفروضة من خالق الكون المحيط به والمدبر له.
كما يفترض فيمن يؤخذ منه الدين ويصدق عليه أن يكون المثل الأعلى في الأمانة والصدق والواقعية، تبعاً لأهمية الأمانة التي يحملها ويتعرض له. هذا ما يدركه العقل بفطرته.
فلا معنى بعد ذلك لأن يعتنق الإنسان ديناً وهو يرى أن بعض تعاليمه خرافة لا يمكن تصديقه، أو حيف وجور لا يحسن جعله، أو يرى التناقض في التعاليم والمعتقدات، بل ينبغي أن يكون إدراكه لهذه الفجوات في دينه محفزاً له على الفحص عن دين آخر متكامل لا فجوة فيه.