و في ضوء جميع ما تقدم تدخل أفكار الدين جميع مجالات البحث، فبعض في مجال الغيب، و هو مما استقل به، و بعض في مجال ما وراء الطبيعة، و بعض في مجال الطبيعة و الإنسان.
و من البيّن أن اختلاف المجال أو الموضوع يتطلب اختلاف المنهج الذي يتبع في دراسته و بحثه.
و من هنا نقول:
-يرجع في دراسة الأفكار الغيبية إلى المنهج النقلي.
-و في دراسة الأفكار الميتافيزيقية إلى المنهج العقلي.
-و في دراسة الأفكار التي ترتبط بالطبيعة و الإنسان تكوينا و مجتمعا إلى المنهج التجريبي.
-و في دراسة التشريعات الدينية-لأن مصدرها النصوص النقلية-يرجع إلى المنهج النقلي.
و هكذا...
الفلسفة:
و لأن مجال الفلسفة انحصر الآن في دراسة ما يعرف بـ (ما بعد الطبيعة
Metaphysics
) ، و هو مما لا يمكن اخضاعه للملاحظة أو التجربة، لا بد من الإلتزام في بحث أفكاره بالمنهج العقلي.
و لكن، قد يقال: إن الفلسفة الحديثة بعد الإنتفاضة العلمية التي أحدثها رينيه ديكارت حيث «بدأ بتحطيم كل اتصالية بالفلسفة القديمة و عفى على كل ما فعل قبله في هذا العلم و شرع بإعادة تحديده بتمامه منذ البداية و كأن أحدا ما تفلسف قبله قط» -كما يقول شلينگ [1] ، و «وضع المبدأ الشهير: لا