«وثمت تفسير يرى أن الأسطورة ابتكرت للإبانة عن الحقيقة في لغة مجازية ثم نسي المجاز و فسرت حرفيا...
و لا يسلّم علماء الإنسان القديم الآن بنظرية واحدة تطبق على كل الأساطير، و الأصح عندهم التفسير الخاص بأساطير كل أمة» [1] .
و لأن الأسطورة حكاية تروى أو تنقل بوساطة الرواية-كما رأينا-يكون منهجها هو النقل.
و هذا-بدوره-يكشف لنا أن المنهج النقلي أقدم المناهج و أسبقها من ناحية تاريخية.
أما عن علاقة الدين بالأسطورة فتقول (الموسوعة العربية الميسرة ط 2- 1972 م-ص 148) : «و بين الأسطورة و الدين علاقة، و كثيرا ما تحكي الشعائر أحداث أسطورة» [2] .
و هي تشير بهذا إلى معجزات الأنبياء و كرامات الأولياء أمثال: عمر نوح، و فوران التنور بطوفانه، و تحوّل نار النمرود مع إبراهيم إلى برد و سلام، و قصة قصر بلقيس، و عصا موسى، و كذلك خلق الكون و الخ...
فإن جميع هذه و أمثالها كانت قبل التاريخ المدوّن، و لم نعثر على ما يشير إلى شيء منها من آثار، و إنما تعرفناها من الكتب الدينية و الحكايات الأسطورية، و هي بهذا تدخل إطار الغيبيات، و العلم الحديث لا يؤمن إلاّ بالمشاهد و المحسوس، أو ما يمكن أن يخضع للملاحظة أو التجربة، كما سنتبين هذا في المرحلة الثالثة.
يقول (هيوم
Hume
) -متأثرا بالمنهج التجريبي-: «لقد رأينا الساعات و هي تصنع في المصانع، و لكننا لم نر الكون و هو يصنع، فكيف نسلم بأن له صانعا» [3] .