و جمال و بهاء و كمال، و قرب يومئذ سبعمائة كبش أقرن من الكباش التي ورثها من إبراهيم (عليه السّلام) و كان كلّما ذبح كبشا جاءت نار من السماء حمراء لا دخان لها في سلاسل بيض فتأخذ ذلك القربان فتصعد به الى السماء.
فلم يزل قيدار يذبح و يقرب حتى نادى مناد: حسبك يا قيدار قد استجاب اللّه منك دعوتك و قبل قربانك انطلق الآن من فورك هذا الى شجرة الوعد فقم في أصلها و انته الى ما تؤمر به في المنام فافعله.
فأقبل قيدار حتى أتى الشجرة فقام في أصلها فأتاه آت في المنام فقال له: قيدار ان هذا النور الذي في ظهرك هو النور الذي فتح اللّه به الأبواب كلّها و خلق الدّنيا طرا من أجله و اعلم ان اللّه جلّ اسمه لم يكن ليخزنه إلّا في الفتيات العربيات فابتغ لنفسك امرأة طاهرة من العرب و ليكن اسمها (غاضرة).
فوثب قيدار فرحا فرجع الى منزله و بعث رسلا يطلبون له امرأة من العرب اسمها الغاضرة و لم يرض برسله حتى ركب جواده و أخذ السيف معه شاهرا له و جعل يستقرئ أحياء العرب و ينزل على قوم و يرحل الى آخرين حتى وقع على ملك الحرمين و كان من ولد ذهل بن عامر بن يعرب بن قحطان و له بنت يقال لها الغاضرة و كانت من أجمل نساء العالمين فتزوّجها و حملها الى أرضه فواقعها فحملت بابنه (حمل) و اصبح قيدار و النور مفقود من وجهه و نظر إليه في وجه الغاضرة فسر بذلك سرورا شديدا.
و كان عنده تابوت آدم (عليه السّلام) و كان ولد اسحاق ينازعونه في التابوت ليأخذوه و كانوا يقولون ان النبوّة قد انتقلت عنكم فليس لكم إلّا هذا النور الواحد فاعطنا التابوت.
فكان يمتنع قيدار عليهم و يقول انّه وصيّة أبي اسماعيل و لا أعطيه أحدا من العالمين.
فذهب قيدار ذات يوم ليفتح التابوت فعسر فتحه عليه و ناداه مناد من الهواء: مهلا يا قيدار و ليس لك الى فتح التابوت سبيل. انّك وصيّ نبيّ و لا يفتح هذا التابوت إلّا نبي فادفعه الى ابن عمّك يعقوب إسرائيل اللّه.
فلما سمع ذلك أقبل الى أهله و هي الغاضرة فقال لها انظري ان أنت ولدت غلاما فسمّيه حملا فأني أرجو أن يكون نسمة طيبة.