و أقام الحسين مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) ثلاثين سنة، و مع أبي محمد عشر سنين، فلما حضرت وفاة أبي محمّد (عليه السّلام) أحضره و سلّم إليه جميع مواريث الأنبياء، فقام بأمر اللّه عز و جل؛ و الملك في ذلك الوقت لمعاوية.
ثم توفي معاوية في سنة ستين من الهجرة و عهد الى اللعين ابنه يزيد (لعنه اللّه) فملك بعد أبيه و طالب أبا عبد اللّه (عليه السّلام) بمبايعته، فامتنع عليه من ذلك.
و روي انّه لمّا أصيب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بإبراهيم ابنه من مارية القبطية جزع عليه جزعا شديدا حتى قال (صلّى اللّه عليه و آله): القلب يجزع و العين تدمع و انّا عليك لمحزونون و ما نقول ما يسخط الربّ.
فهبط عليه جبرئيل (عليه السّلام) فقال له: الرّب جل جلاله يقرأ عليك سلامه و يقول: اما ان يختار حياة إبراهيم فيردّه اللّه حيّا و يورثه النبوّة بعدك فيقتله أمتك فيدخلها اللّه النّار، أو يبقى الحسين سبطك و يجعله اللّه إماما بعدك فيقتله نصف أمتك بين قاتل له و معين عليه و خاذل له و راض بذلك و مبغض فيدخلهم اللّه بذلك النار.
فقال: يا ربّ لا أحبّ أن تدخل أمتي كلّها النار. و بقاء الحسين أحبّ، و لا تفجع فاطمة به.
قال: و كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إذا قبّل ثنايا الحسين و لثاته قال له: فديت من فديته بإبراهيم.
و لمّا عزم الحسين (عليه السّلام) على الخروج الى العراق بعد ان كاتبه أهل الكوفة و وجّه مسلم ابن عقيل إليهم على مقدّمته فكان من أمره ما كان و أراد الخروج بعثت إليه أم سلمة: انّي اذكّرك اللّه يا سيدي أن لا تخرج.
قال: و لم؟
قالت: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يقول: يقتل الحسين ابني بالعراق. و أعطاني من التربة قارورة أمرني بحفظها و مراعاة ما فيها.
فبعث إليها: و اللّه يا امّاه اني لمقتول لا محالة فأين المفر من قدر اللّه المقدور؟ ما من الموت بدّ و اني لأعرف اليوم و الساعة و المكان الذي اقتل فيه، و أعرف مكان مصرعي