ثم أنزل اللّه جلّ و تعالى: «وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» فجمع (صلّى اللّه عليه و آله) بني هاشم و هم في ذلك الوقت أربعون رجلا من المشايخ الرؤساء، فأمر أمير المؤمنين (عليه السّلام) فاطبخ لهم رجل شاة و خبز لهم صاعا من طعام ثم ادخل إليه منهم عشرة، فأكلوا حتى تصدروا ثم جعل يدخل إليه عشرة بعد عشرة حتى أكلوا و شربوا جميعا و شبعوا، و ان فيهم من يأكل الجذعة و يشرب الزق.
و روي أنّه أمر بشاة فذبحت لهم فأكلوا منها ثم أمر بجمع أهابها و عظامها ثم أحياها ثم أنذرهم و دعاهم الى نبوّته و قال لهم: قد بعثني ربي جل و عز الى الإنس و الجن و الأبيض و الأسود و الأحمر.
و روي انّه قال لهم: ان اللّه جل و تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين و اني لا أملك لكم من اللّه حظّا إلّا أن تقولوا «لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و ان محمدا عبده و رسوله».
فقال أبو لهب له: أ لهذا دعوتنا؟
ثم تفرّقوا عنه فأنزل اللّه: «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ» ...
السورة.
و روي انّه دعاهم ثانية فأطعمهم و سقاهم جميعا لبنا من عس واحد حتى تصدروا ثم قال لهم: يا بني عبد المطلب أطيعوني تكونوا ملوك الأرض و حكّامها. ان اللّه عز و جل لم يبعث نبيا قط إلّا جعل له وصيّا و أخا و وزيرا فأيّكم يكون أخي و وصيي و مؤازري و قاضي ديني؟.
فأبوا قبول ذلك و قالوا: و من يطيق ما تطيقه أنت؟.
فقام إليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) و هو أصغرهم سنّا فقال له: أنا يا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله).