فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فِينَا أَصْحَابُ بَدْرٍ أُنْزِلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْلِ فَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا فَانْتَزَعَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ أَيْدِينَا فَجَعَلَهُ إلَى رَسُولِهِ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى سَوَاءٍ وَاصْطَفَى مِنْ غَنِيمَةِ بَدْرٍ سَيْفَهُ ذَا الْفِقَارِ وَكَانَ سَيْفَ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، وَأَخَذَ مِنْهَا سَهْمَهُ وَلَمْ يُخَمِّسْهَا إلَى أَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ بَدْرٍ قَوْله تَعَالَى : * ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) * .فَتَوَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ كَمَا تَوَلَّى قِسْمَةَ الصَّدَقَاتِ ، فَكَانَ أَوَّلُ غَنِيمَةٍ خَمَّسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ بَدْرٍ غَنِيمَةَ بَنِي قَيْنُقَاعِ .وَإِذَا جُمِعَتْ الْغَنَائِمُ لَمْ تُقْسَمْ مَعَ قِيَامِ الْحَرْبِ حَتَّى تَنْجَلِيَ ؛ لِيُعْلَمَ بِانْجِلَائِهَا تَحَقُّقُ الظَّفَرِ وَاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ ، وَلِئَلَّا يَتَشَاغَلَ الْمُقَاتِلَةُ بِهَا فَيُهْزَمُوا ، فَإِذَا انْجَلَتْ الْحَرْبُ كَانَ تَعْجِيلُ قِسْمَتِهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَجَوَازُ تَأْخِيرِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَبِحَسَبِ مَا يَرَاهُ أَمِيرُ الْجَيْشِ مِنْ الصَّلَاحِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى تَصِيرَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَقْسِمُهَا حِينَئِذٍ فَإِذَا أَرَادَ قِسْمَتَهَا بَدَأَ بِأَسْلَابِ الْقَتْلَى فَأَعْطَى كُلَّ قَاتِلٍ سَلَبَ قَتِيلِهِ سَوَاءٌ شَرَطَ الْإِمَامُ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ إنْ شَرَطَ لَهُمْ ذَلِكَ اسْتَحَقُّوهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ لَهُمْ كَانَ غَنِيمَةً فَيَشْتَرِكُونَ فِيهَا وَقَدْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ حِيَازَةِ الْغَنَائِمِ : * ( مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ ) * .وَالشَّرْطُ مَا تَقَدَّمَ الْغَنِيمَةَ لَا مَا تَأَخَّرَ عَنْهَا ، وَقَدْ أَعْطَى أَبُو قَتَادَةَ أَسْلَابَ قَتَلَاهُ وَكَانُوا عِشْرِينَ قَتِيلًا وَالسَّلَبُ مَا كَانَ عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ لِبَاسٍ يَقِيهِ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ سِلَاحٍ يُقَاتِلُ بِهِ وَمَا كَانَ تَحْتَهُ مِنْ فَرَسٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَكُونُ مَا فِي الْمُعَسْكَرِ مِنْ أَمْوَالِهِ سَلَبًا وَهَلْ يَكُونُ مَا فِي وَسَطِهِ مِنْ مَالٍ وَمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ حَقِيبَةٍ سَلَبًا ؟ فِيهِ قَوْلَانِ ، وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ وَقَالَ مَالِكٌ : يُؤْخَذُ خُمُسُهُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ إعْطَاءِ السَّلَبِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَا يَصْنَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بَعْدَ السَّلَبِ بِإِخْرَاجِ الْخُمُسِ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ فَيَقْسِمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْخُمُسِ عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ * ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ) * الْآيَةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ : يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ : لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ .وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ : سَهْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ