فِيهِ جَمَاعَةً وَصَلَّوْا فِيهِ فُرَادَى لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْمُبَايَنَةِ وَالتُّهْمَةِ بِالْمُشَاقَّةِ وَالْمُخَالَفَةِ ، وَإِذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ لِهَذَا الْمَسْجِدِ إمَامَيْنِ فَإِنْ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ جَازَ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُورًا عَلَى مَا خُصَّ بِهِ كَتَقْلِيدِ أَحَدِهِمَا صَلَاةَ النَّهَارِ وَتَقْلِيدِ الْآخَرِ صَلَاةَ اللَّيْلِ فَلَا يَتَجَاوَزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا رَدَّهُ إلَيْهِ ، وَإِنْ قَلَّدَ الْإِمَامَةَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ لَكِنْ رَدَّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا غَيْرَ يَوْمِ صَاحِبِهِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي يَوْمِهِ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ فِيهِ مِنْ صَاحِبِهِ ، فَإِنْ أَطْلَقَ تَقْلِيدَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ كَانَا فِي الْإِمَامَةِ سَوَاءً وَأَيُّهُمَا سَبَقَ إلَيْهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَؤُمَّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِقَوْمٍ آخَرِينَ ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ فِي الْمَسَاجِدِ السُّلْطَانِيَّةِ جَمَاعَتَانِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي السَّبْقِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّقَدُّمُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : سَبْقُهُ بِالْحُضُورِ فِي الْمَسْجِدِ .وَالثَّانِي : سَبْقُهُ بِالْإِمَامَةِ فِيهِ ، فَإِنْ حَضَرَ الْإِمَامَانِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا كَانَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ ، وَإِنْ تَنَازَعَا فَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا وَيَتَقَدَّمُ مَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا .وَالثَّانِي : يَرْجِعُ إلَى اخْتِيَارِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ لِأَحَدِهِمَا .وَيَدْخُلُ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْإِمَامِ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِينَ مَا لَمْ يُصَرَّحْ لَهُ بِالصَّرْفِ مِنْهُ ، لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي وَلِيَ الْقِيَامَ بِهَا فَصَارَ دَاخِلًا فِي الْوِلَايَةِ ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُؤَذِّنِينَ بِمَا يُؤَدِّيهِ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَالْأَذَانِ .فَإِنْ كَانَ شَافِعِيًّا يَرَى تَعْجِيلَ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ وَتَرْجِيعَ الْأَذَانِ وَإِفْرَادَ الْإِقَامَةِ أَخَذَ الْمُؤَذِّنِينَ بِذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُمْ بِخِلَافِهِ ، وَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا يَرَى تَأْخِيرَ الصَّلَوَاتِ إلَى آخِرِ الْأَوْقَاتِ إلَّا الْمَغْرِبَ وَيَرَى تَرْكَ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ وَتَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ أَخَذَهُمْ بِذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُمْ بِخِلَافِهِ .ثُمَّ يَعْمَلُ الْإِمَامُ عَلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي أَحْكَامِ صَلَاتِهِ ، فَإِنْ كَانَ شَافِعِيًّا يَرَى الْجَهْرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ لَمْ يَكُنْ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا لِلْمَأْمُومِينَ أَنْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ حَنَفِيًّا يَرَى تَرْكَ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ وَتَرْكَ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ عُمِلَ عَلَى رَأْيِهِ وَلَمْ يُعَارَضْ فِيهِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ أَنَّهُ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَارَضَ فِي اجْتِهَادِهِ ، وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَجَازَ أَنْ يُعَارَضَ فِي اجْتِهَادِهِ ، فَإِنْ أَحَبَّ الْمُؤَذِّنُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ عَلَى اجْتِهَادِهِ أَذَّنَ بَعْدَ الْأَذَانِ الْعَامِّ أَذَانًا خَاصًّا لِنَفْسِهِ عَلَى رَأْيِهِ يُسِرُّ بِهِ وَلَا يَجْهَرُ .( فَصْلٌ ) وَالصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي تَقْلِيدِ هَذَا الْإِمَامِ خَمْسٌ : أَنْ يَكُونَ رَجُلًا عَادِلًا قَارِئًا