responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 541


واللَّه فوق من ولَّاك وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم ، ولا تنصبنّ نفسك لحرب اللَّه .
فإنّه لا يدي لك بنقمته ، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته ، ولا تندمنّ على عفو ، ولا تبجحنّ بعقوبة ، ولا تسر عنّ إلى بادرة وجدت منها مندوحة ، ولا تقولنّ إنّى مؤمّر آمر فأطاع فإنّ ذلك إدغال فى القلب ، ومنهكة للدّين ، وتقرّب من الغير . وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك اللَّه فوقك وقدرته منك على مالا تقدر عليه من نفسك ، فإنّ ذلك يطا من إليك من طماحك ، ويكفّ عنك من غربك ، ويفىء إليك بما عزب عنك من عقلك .
إيّاك ومساماة اللَّه فى عظمته والتّشبّه به فى جبروته ، فإنّ اللَّه يذلّ كلّ جبّار ، ويهين كلّ مختال .
أنصف اللَّه وأنصف النّاس من نفسك ومن خاصّة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيّتك ، فانّك إلَّا تفعل تظلم ومن ظلم عباد اللَّه كان اللَّه خصمه دون عباده ، ومن خاصمه اللَّه أدحض حجّته وكان للَّه حربا حتّى ينزع ويتوب وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة اللَّه وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم ، فانّ اللَّه سميع دعوة المضطهدين وهو للظَّالمين بالمرصاد .
وليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها فى الحقّ ، وأعمّها فى العدل وأجمعها لرضا الرّعيّة ، فانّ سخط العامّة يجحف برضا الخاصّة وإنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضا العامّة .
وليس أحد من الرّعيّة أثقل على الوالى مئونة فى الرّخاء وأقلّ معونة له فى البلاء ، وأكره للانصاف ، وأسأل بالالحاف ، وأقلّ شكرا عند الاعطاء ، وأبطأ عذرا عند المنع ، وأضعف صبرا عند ملمّات الدّهر من أهل الخاصّة وإنّما عماد الدّين وجماع المسلمين .
والعدّة للأعداء العامّة من الأمّة ، فليكن صغوك لهم ، وميلك معهم .
وليكن أبعد رعيّتك منك وأشنأهم عندك أطلبهم لمعايب النّاس ، فإنّ فى النّاس عيوبا الوالى أحقّ من سترها ، فلا تكشفنّ عمّا غاب عنك منها فإنّما عليك تطهير ما ظهر لك ، واللَّه يحكم على ما غاب عنك ، فاستر العورة ما استطعت يستر اللَّه منك ما تحبّ ستره من رعيّتك . أطلق عن النّاس عقدة كلّ حقد ، واقطع عنك سبب كلّ وتر ، وتغاب عن كلّ مالا يصحّ لك ، ولا تعجلنّ إلى تصديق ساع ، فإنّ السّاعى غاشّ وإن تشبّه بالنّاصحين .

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست