responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 433


لا يتغيّر بحال ، ولا يتبدّل بالأحوال ، ولا تبليه اللَّيالى والأيّام ، ولا يغيّره الضّياء والظَّلام ، ولا يوصف بشىء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيريّة والأبعاض ، ولا يقال له حدّ ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية . ولا أنّ الأشياء تحويه ، فتقلَّه أو تهويه ، أو أنّ شيئا يحمله فيميله أو يعد له . ليس فى الأشياء بوالج ، ولا عنها بخارج . يخبر لا بلسان ولهوات ، ويسمع لا بخروق وأدوات . يقول ولا يلفظ ، ويحفظ ولا يتحفّظ ، ويريد ولا يضمر ، يحبّ ويرضى من غير رقّة ، ويبغض ويغضب من غير مشقّة . يقول لمن أراد كونه « كن » فيكون لا بصوت يقرع ، ولا بنداء يسمع ، وإنّما كلامه - سبحانه - فعل منه أنشأه ، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا ، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا . لا يقال كان بعد أن لم يكن فتجرى عليه الصّفات المحدثات ولا يكون بينها وبينه فصل ، ولا له عليها فضل ، فيستوى الصّانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدع والبديع . خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه ، وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها على غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصّنها من الأود والاعوجاج ، ومنعها من التّهافت والانفراج ، أرسى أوتادها ، وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخدّ أوديتها ، فلم يهن ما بناه ، ولا ضعف ما قوّاه . هو الظَّاهر عليها بسلطانه وعظمته ، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته ، والعالى على كلّ شيء منها بجلاله وعزّته ، لا يعجزه شيء منها طلبه ، ولا يمتنع عليه فيغلبه ، ولا يفوته السّريع منها فيسبقه ، ولا يحتاج إلى ذى مال فيرزقه . خضعت الأشياء له ، وذلَّت مستكينة لعظمته ، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع من نفعه وضرّه ، ولا كفؤ له فيكافئه ، ولا نظير له فيساويه هو المفنى لها بعد وجودها ، حتّى يصير موجودها كمفقودها . وليس فناء الدّنيا بعد ابتداعها ، بأعجب من إنشائها واختراعها وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها ، وما كان من مراحها وسائمها ، وأصناف أسناخها وأجناسها ، ومتبلَّدة أممها وأكياسها ، على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها ، ولا عرفت كيف السّبيل إلى إيجادها ، ولتحيّرت عقولها فى علم ذلك وتاهت ،

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 433
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست