responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 415


212 - ومن كلام له عليه السّلام قاله عند تلاوته : ( يَا أيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) [1] أدحض مسئول حجّة ، وأقطع مغترّ معذرة ، لقد أبرح جهالة بنفسه . يا أيّها الإنسان ، ما جرّأك على ذنبك ، وما غرّك بربّك ، وما آنسك بهلكة نفسك أما من دائك بلول ، أم ليس من نومتك يقظة أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك فربّما ترى الضّاحى من لحرّ الشّمس فتظله ، أو ترى المبتلى بألم يمضّ جسده ، فتبكى رحمة له ، فما صبّرك على دائك ، وجلَّدك على مصابك ، وعزّاك عن البكاء على نفسك وهى أعزّ الأنفس عليك وكيف لا يوقظك خوف بيات نقمة ، وقد تورّطت بمعاصيه مدارج سطواته ، فتداو من داء الفترة فى قلبك بعزيمة ، ومن كرى الغفلة فى ناظرك بيقظة ، وكن للَّه مطيعا ، وبذكره آنسا ، وتمثّل فى حال تولَّيك عنه إقباله عليك : يدعوك إلى عفوه ، ويتغمّدك بفضله ، وأنت متولّ عنه إلى غيره ، فتعالى من قوىّ ما أكرمه ، وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته ، وأنت فى كنف ستره مقيم ، وفى سعة فضله متقلَّب ، فلم يمنعك فضله ، ولم يهتك عنك ستره ، بل لم تخل من لطفه مطرف عين فى نعمة يحدثها لك ، أو سيّئة يسترها عليك ، أو بليّة يصرفها عنك فما ظنّك به لو أطعته ، وايم اللَّه لو أنّ هذه الصّفة كانت فى متّفقين فى القوّة ، متوازنين فى القدرة ، لكنت أوّل حاكم على نفسك بذميم الأخلاق ، ومساوئ الأعمال . وحقّا أقول ما الدّنيا غرّتك ، ولكن بها اغتررت ، ولقد كاشفتك العظات ، وآذنتك على سواء ، ولهى بما تعدك من نزول البلاء بجسمك ، والنّقص فى قوّتك ، أصدق وأوفى من أن تكذبك ، أو تغرّك ، ولربّ ناصح لها عندك متّهم ، وصادق من خبرها مكذّب ، ولئن تعرّفتها فى الدّيار الخاوية ، والرّبوع الخالية ، لتجدنّها من حسن تذكيرك ، وبلاغ موعظتك ، بمحلَّة الشّفيق عليك ، والشّحيح بك ، ولنعم دار من لم يرض بها دارا ، ومحلّ من لم يوطَّنها محلَّا وإنّ السّعداء بالدّنيا غدا هم الهاربون منها اليوم . إذا رجفت الرّاجفة ، وحقّت بجلائلها القيامة ، ولحق بكلّ منسك أهله وبكلّ معبود



[1] سورة الانفطار - 6 .

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 415
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست