responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 378


يخف عنكم شيئا من دينه ، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه ، إلَّا وجعل له علما باديا ، وآية محكمة تزجر عنه أو تدعو إليه ، فرضاه فيما بقى واحد ، وسخطه فيما بقى واحد . واعلموا أنّه لن يرضى عنكم بشىء سخطه على من كان قبلكم ، ولن يبسخط عليكم بشىء رضيه ممّن كان قبلكم ، وإنّما تسيرون فى أثر بيّن ، وتتكلَّمون برجع قول قد قاله الرّجال من قبلكم ، قد كفاكم مئونة دنياكم ، وحثّكم على الشّكر ، وافترض من ألسنتكم الذّكر ، وأوصاكم بالتّقوى وجعلها منتهى رضاه وحاجته من خلقه ، فاتّقوا اللَّه الَّذى أنتم بعينه ونواصيكم بيده ، وتقلَّبكم فى قبضته : إن أسررتم علمه ، وإن أعلنتم كتبه ، قد وكَّل بكم حفظة كراما ، لا يسقطون حقّا ، ولا يثبتون باطلا ، واعلموا أنّ من يتّق اللَّه يجعل له مخرجا من الفتن ، ونورا من الظَّلم ، ويخلده فيما اشتهت نفسه ، وينزله منزلة الكرامة عنده ، فى دار اصطنعها لنفسه : ظلَّها عرشه ، ونورها بهجته ، وزوّارها ملائكته ، ورفقاؤها رسله . فبادروا المعاد ، وسابقوا الآجال ، فإنّ النّاس يوشك أن ينقطع بهم الأمل ، ويرهقهم الأجل ، ويسدّ عنهم باب التّوبة ، فقد أصبحتم فى مثل ما سأل إليه الرّجعة من كان قبلكم ، وأنتم بنو سبيل على سفر من دار ليست بداركم ، وقد أوذنتم منها بالارتحال ، وأمرتم فيها بالزّاد ، واعلموا أنّه ليس لهذا الجلد الرّقيق صبر على النّار ، فارحموا نفوسكم فإنّكم قد جرّبتموها فى مصائب الدّنيا . أفرأيتم جزع أحدكم من الشّوكة تصيبه والعثرة تدميه ، والرّمضاء تحرقه فكيف إذا كان بين طابقين من نار ، ضجيع حجر ، وقرين شيطان أعلمتم أنّ مالكا إذا غضب على النّار حطم بعضها بعضا لغضبه ، وإذا زجرها توثّبت بين أبوابها جزعا من زجرته أيّها اليفن الكبير ، الَّذى قد لهزه القتير كيف أنت إذا التحمت أطواق النّار بعظام الأعناق ، ونشبت الجوامع ، حتّى أكلت لحوم السّواعد فاللَّه اللَّه ، معشر العباد ، وأنتم سالمون فى الصّحّة قبل السّقم وفى الفسحة قبل الضّيق ، فاسعوا فى فكاك رقابكم من قبل أن تغلق رهائنها : أسهروا عيونكم . وأضمروا بطونكم ، واستعملوا أقدامكم ، وأنفقوا أموالكم ، وخذوا من أجسادكم فجدّدوا بها على أنفسكم ولا تبخلوا بها عنها ، فقد قال اللَّه سبحانه : * ( ( إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ) ) * [1] وقال تعالى : * ( ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله ) *



[1] سورة محمد ( ص ) 7 .

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 378
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست