responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 346


فضّة ، وما أنبت عليه من عجيب داراته وشموسه خالص العقيان وفلذ الزّبرجد ، فإن شبّهته بما أنبتت الأرض قلت : جنّى جنى من زهرة كلّ ربيع : وإن ضاهيته بالملابس ، فهو كموشىّ الحلل ، أو مونق عصب اليمن ، وإن شاكلته بالحلىّ فهو كفصوص ذات ألوان قد نطَّقت باللَّجين المكلَّل ، يمشى مشى المرح المختال ، ويتصفّح ذنبه وجناحيه فيقهقه ضاحكا لجمال سر باله ، وأصابيغ وشاحه . فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا معولا بصوت يكاد يبين عن استغاثته . ويشهد بصادق توجّعه ، لأنّ قوائمه حمش كقوائم الدّيكة الخلاسيّة ، وقد نجمت من ظنبوب ساقه صيصيّة خفيّة ، وله فى موضع العرف قنزعة خضراء ، موشّاة ، ومخرج عنقه كالابريق ، ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانيّة ، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال ، وكأنّه متلَّفّع بمعجر أسحم إلَّا أنّه يخيّل لكثرة مائه وشدّة بريقه أنّ الخضرة النّاضرة ممتزجة به . ومع فتق سمعه خطَّ كمستدقّ القلم فى لون الأقحوان ، أبيض يقق ، فهو ببياضه فى سواد ما هنالك يأتلق . وقلّ صبغ إلَّا وقد أخذ منه بقسط ، وعلاه بكثرة صقاله وبريقه وبصيص ديباجه ورونقه ، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربّها أمطار ربيع ، ولا شموس قيظ ، وقد ينحسر من ريشه ، ويعرى من لباسه فيسقط تترى ، وينبت تباعا ، فينحتّ من قصبه انحتات أوراق الأغصان ثمّ يتلا حق ناميا حتّى يعود كهيئته قبل سقوطه : لا يخالف سالف ألوانه ، ولا يقع لون فى غير مكانه . وإذا تصفّحت شعرة من شعرات قصبه أرتك حمرة ورديّة ، وتارة خضرة زبر جديّة ، وأحيانا صفرة عسجديّة ، فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن ، أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنطم وصفه أقوال الواصفين وأقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه والألسنة أن تصفه فسبحان الَّذى بهر العقول ، عن وصف خلق جلَّاه للعيون فأدركته محدودا مكوّنا ومؤلَّفا ملوّنا ، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته وقعد بها عن تأدية نعته . وسبحان من أدمج قوائم الذّرّة والهمجة إلى ما فوقهما من خلق الحيتان والفيلة ، ووأى على نفسه أن لا يضطرب شبح ممّا أولج فيه الرّوح إلَّا وجعل الحمام موعده والفناء غايته .
أقول : غرض الخطبة التّنبيه على عجائب صنع اللَّه ، لغاية الالتفات اليه ، وشواهد البيّنات ما ظهر للعقول من لطائف المخلوقات ، فاستدلَّت بها على حكمته وقدرته .
و

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست