ومن ذلك : يظهر بطلان ما قيل : من أن المعارض للصحاح الثلاث المتقدمة صحيحة عبد الله بن سنان خاصة ، دون غيرها من روايات الباب ، بدعوى ان الصحيحة نص في مدلولها - وهو تملك المحيي للأرض بالقيام بحقها - دون تلك الروايات . ولكن لا بد من تقديم الصحيحة عليها ، لموافقتها للسنة - وهي الروايات المزبورة - وجه الظهور مضافا - إلى ما عرفت من أن حال الصحيحة حال سائر الروايات فلا فرق بينهما من ناحية الدلالة أصلا - ان موافقة تلك الروايات ليست موافقة للسنة ، فإنها تقوم على أساس أن تكون متواترة ، وقد عرفت عدم ثبوت تواترها . الرابع : ان النصوص التي تدل على تحليل الأرض كصحيحة مسمع مخالفة للنصوص التي تدل على عدم تملك المحيي للأرض بعملية الاحياء والعمارة ، ووجوب الخراج والطسق عليه بإزاء تصرفاته فيها واستفادته من ثرواتها ، وبما أن هذه المخالفة كانت بالعموم المطلق فلا محالة تكون نصوص التحليل مقيدة لاطلاق تلك النصوص ، وبعد التقييد تختص بغير الافراد الذين شملهم التحليل ونتيجة ذلك ان هؤلاء الافراد يملكون رقبة الأرض بالاحياء والاستثمار ولازم هذا عدم وجوب الطسق والخراج عليهم ، دون غيرهم من الافراد الذين لا تشملهم نصوص التحليل . فإنهم لا يملكون رقبة الأرض بعملية الاحياء ، وانما الحاصل لهم حق الاختصاص بسببها مع بقاء الرقبة في ملكية صاحبها ، ولذا يجب عليهم أداء الطسق والأجرة إليه فعندئذ تنقلب النسبة بين هذه النصوص وبين المجموعة المتقدمة من النصوص - التي كان مفادها سببية الاحياء للملك - من التباين إلى عموم مطلق ، فترتفع المعارضة بينهما