responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    جلد : 1  صفحه : 177


الرياضة دائما إما لان سنه لا يحتمل ، أو لان عادته لم تجر عليها ، وجب ألا يستعمل من الأغذية الغليظة اللزجة شيئا إلا في الندرة وعند الاضطرار بعد ركوب قوي أو مشي يقوم له مقام الرياضة ، لان السكون قبل الغذاء من أبعد الأسباب الموجبة لحفظ الصحة ، وبخاصة مع استعمال الأغذية اللزجة . ولذلك وجب على من كانت له أسباب تعوقه عن الرياضة ، وتحول بينه وبين الحركة والركوب في كل يوم ، دائما قبل وقت غذائه ، أن يستعمل الاستقصاء في تدبيره ، ويقصد الأغذية اللطيفة في انفعالها وحسن جوهرها ، ويتوقى ما كان من الأغذية غليظا لزجا ، ويحذره جدا ، ولا يكتفي بذلك أيضا دون أن يستعمل تنقية بدنه وإفراغ فضوله في الأوقات المحمودة مع استعمال الأدوية المعينة على الهضم ، الحافظة للصحة في كل حين ، مثل إدمان شرب الاسكنجبين ، وبخاصة الاسكنجبين العنصلاني ، لمن كانت رطوبة بدنه غليظة لزجة مع استعمال الجوارشنات المنقية لرطوبات المعدة ، المفتحة لسدة الكبد والطحال ، لأنه إن أغفل ذلك وأهمله ، وألح على الأغذية الغليظة ، لم يلبث دون أن يقع في بعض الأمراض المزمنة المتولدة عن الامتلاء .
وعكس هذا التدبير وضده ، يلزم من كان تعبه كثيرا ورياضته دائمة ، إذا ألح على الأغذية اللطيفة السريعة الانحلال ، مثل البقول وماء الشعير ، وما شاكل ذلك ، إلا من كانت هذه سبيله من استعمال الأغذية اللطيفة السريعة الانفعال ، لم يلبث أن يضعف وتنحل قوته وينقص لحمه ويصير إلى الذبول والسلال . ولأن كثيرا من الناس من هو من الشغل في طول دهره على حاله لا يقدر معها على رياضة بدنه على ما ينبغي ، ولا أخذ غذائه في أوقاته ، ولا على نقاء من معدته ، ولا على حسب مزاجه ، لزم ضرورة لمن كانت هذه حاله ألا يستمرئ طعامه استمراء صحيحا ، ولم يستمر غذاؤه على ما يجب ، لم يمكن أن تدوم له صحة ما لم يتعاهد نفسه باستفراغ فضول بدنه بالاسهال والفصد [1] ، ولزوم شرب الاسكنجبين واتخاذ الجوارشنات المنقية لرطوبات المعدة ، المفتحة للسدد .
ولما كانت الحركة قبل الطعام من أوفق الأشياء وأقواها على إدامة الصحة ، كانت الحركة بعد الطعام من أقوى الأشياء على إزالة الصحة عن الأصحاء ، من قبل أنها تحمي الطعام الذي قد تقدمها وتثوره وتزعجه وتحدره عن المعدة بسرعة قبل تمام هضمه . فإذا صار الغذاء إلى الكبد وهو على غاية الغلظ والفجاجة ، اجتمع منه في عروق الكبد وجداولها فضول غليظة نية موجبة لأمراض شتى وعلل مختلفة عسيرة الانحلال إلا أن توافي الحرارة الغريزية التي في الكبد والعروق قوية جدا ، فتهضمه وتحيله دما ، وإن كان الدم المتولد عنه أيضا ليس بالمحمود لأنه من جنس الخام الغليظ . ولذلك صار كثيرا ما يتولد عنه التخم وأوجاع المفاصل . ولذلك وجب ألا يستعمل الانسان من الحركة بعد الطعام إلا مقدار ما يحدر الطعام ، ويمكنه من قعر المعدة فقط ، ولا يمشي أيضا إلا على أشياء لينة تطمئن تحت رجليه وتنخفض مثل المخاد المحشوة بالقطن وما شاكله .



[1] فصد فصدا وفصادا المريض : شق عرقه .

نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    جلد : 1  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست