نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 4 صفحه : 227
قلنا : إنما لم ينكروا ذلك لان المعرفة الواجبة كانت حاصلة لهم ، وهي المعرفة بالدليل من جهة الجملة ، لا من جهة التفصيل . قولهم ( إن وجوب النظر يلزم منه وجوب الجهل بالله تعالى ) إنما يلزم ذلك أن لو كان الجهل مقدورا للعبد ، وهو غير مسلم . قولهم ( يلزم منه الدور ) لا نسلم ذلك ، فإن الواجب الشرعي عندنا غير متوقف على النظر ، كما سبق في مسألة شكر المنعم . قولهم ( إن النظر مظنة الوقوع في الشبهات والتردي في الضلالات ) قلنا : فاعتقاد من يقلده إما أن يكون عن تقليد ، أو نظر ، ضرورة امتناع كونه ضروريا : فإن كان الأول ، فالكلام فيمن قلده كالكلام فيه ، وهو تسلسل ممتنع ، وإن كان الثاني فالمحذور اللازم من النظر لازم في التقليد مع زيادة ، وهو احتمال كذب من قلده فيما أخبره به ، بخلاف الناظر مع نفسه ، فإنه لا يكابر نفسه فيما أدى إليه نظره . قولهم إن التقليد عليه الأكثر والسواد الأعظم . قلنا : ذلك لا يدل على أنه أقرب إلى السلامة ، لان التقليد في العقائد المضلة أكثر من الصحيحة ، على ما قال تعالى * ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) * ( الانعام : 116 ) وقال تعالى * ( وقليل ما هم ) * ( ص : 24 ) وقال عليه السلام تفترق أمتي ثلاثا وسبعين فرقة : واحدة ناجية ، والباقي في النار وإنما كان ذلك ، لان أدلة الحق دقيقة غامضة ، لا يطلع عليها سوى أصحاب الأذهان الصافية والعقول الراجحة ، مع المبالغة في الجد والاجتهاد ، وذلك مما يندر ويقل وقوعه .
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 4 صفحه : 227