نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 6 صفحه : 861
فصل قال أبو محمد : فإن قال قائل : فكيف يفعل العالم إذا سئل عن مسألة فأعيته ، أو نزلت به نازلة فأعيته ؟ قيل له وبالله تعالى التوفيق : يلزمه أن يسأل الرواة عن أقوال العلماء في تلك المسألة النازلة ، ثم يعرض تلك الأقوال على كتاب الله تعالى ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم كما أمره الله تعالى إذ يقول : * ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) * وإذ يقول : * ( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله ) * وقوله تعالى : * ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) * ولم يقل تعالى فردوه إلى مالك وأبي حنيفة والشافعي ، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليرد ما اختلف فيه من الدين إلى القرآن والسنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليتق الله ، ولا يرد ذلك إلى رجل من المسلمين لم يؤمر بالرد عليه ، ومن أبى فسيرد ويعلم . وقد قال الله تعالى : * ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) * فلم يجعل البيان إلا لنبيه صلى الله عليه وسلم فمن رد إلى سواه فقد عدم البيان ، وحصل على الضلالة ، ونعوذ بالله منها . فالتقليد كله حرم في جميع الشرائع ، أولها عن آخرها ، من التوحيد والنبوة والقدر والايمان والوعيد والإمامة والمفاضلة وجميع العبادات والاحكام . فإن قال قائل : فما وجه قوله تعالى : * ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) * قيل له وبالله تعالى التوفيق : إنه تعالى أمرنا أن نسأل أهل العلم عما حكم به الله تعالى في هذه المسألة ، وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، ولم يأمرنا أن نسألهم عن شريعة جديدة يحدثونها لنا من آرائهم ، وقد بين ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله : ( فليبلغ الشاهد الغائب ) وبينه تعالى بقوله : * ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) * فالدين قد كمل ، فلا مدخل لاحد فيه بزيادة ولا نقص ولا تبديل ، وكل هذا كفر ممن أجازه . وقد أمر تعالى المتفقهين أن ينفروا لطلب أحكام الدين ، ولم يأمرهم أن يقولوا من عند أنفسهم شيئا ، بل حرم تعالى ذلك بذمه قوما شرعوا لهم في الدين ما لم يأذن به الله وبقوله عز وجل : * ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) * .
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 6 صفحه : 861