نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1763
الممتنع، إلّا أنّه لا كمال في معرفته، و لذا تركوا بيانه. و أمّا
الوجوب الشرعي فقد اختلفت العبارات في تفسيره، فقيل هو حكم بطلب فعل غير كفّ ينتهض
تركه في جميع وقته سببا للعقاب، و ذلك الفعل المطلوب يسمّى واجبا، فالوجوب قسم من
الحكم و الواجب قسم من الأفعال و ما وقع في عبارة البعض من أنّ الواجب و المندوب و
نحوهما أقسام للحكم ليس على ظاهر. فبقيد الطلب خرج الإباحة و الوضع. و قوله غير
كفّ يخرج الحرمة لأنّها أيضا طلب فعل لكنه فعل هو كفّ، و هذا إشارة إلى الخلاف
الواقع بين الأصوليين من أنّ المراد بالنهي هو نفي الفعل أو فعل الضدّ، فقال أبو
هاشم بالأول و الأشعري بالثاني. و بالجملة فمن يقول بأنّ الكفّ فعل يعرف الوجوب
بما مرّ و الحرمة بأنّها حكم بطلب الكفّ عن فعل ينتهض ذلك الفعل سببا للعقاب. و
أمّا من يقول بأنّ الكفّ نفي فعل فيطرح من حدّ الوجوب قيد غير كفّ و يقول الوجوب
حكم بطلب فعل ينتهض تركه الخ، و الحرمة حكم بطلب نفي فعل ينتهض فعله سببا للعقاب،
و كذا يخرج الكراهة لأنّها طلب كفّ لا فعل عند من يقول بأنّ الكفّ فعل، و أمّا عند
من لا يقول به فيخرج بقيد ينتهض، إذ فعلها و تركها كلّ منهما لا ينتهض سببا
للعقاب. ثم قوله ينتهض يخرج النّدب. و قوله في جميع وقته ليشتمل الحدّ الواجب
الموسع إذ تركه ليس سببا للعقاب إلّا إذا ترك في جميع الوقت، و فيه أنّه لو لم
يذكره لما لزم الخلل لأنّ انتهاض تركه سببا في الجملة لا يوجب انتهاضه دائما،
فالواجب الموسع داخل فيه حينئذ أيضا. و المراد بسببية الفعل للثواب و العقاب أنّه
من الأمارات الدّالة عليه و الأسباب العادية له لا السبب الموجب له عقلا كما ذهب
إليه الأشعري. قيل يلزم أن لا يكون الصوم واجبا لأنّ صوموا طلب لفعل هو كفّ. و
أجيب بمنع كونه كفّا لأنّ جزءه أعني النية غير كفّ. قيل يرد عليه كفّ نفسك عن كذا
فإنّه إيجاب و لا يصدق عليه أنّه طلب فعل غير كفّ و يصدق عليه أنّه طلب كفّ عن فعل
ينتهض ذلك الفعل سببا للعقاب مع أنّه ليس بتحريم. و أجيب بأنّ الحيثية معتبرة،
فالمراد أنّ الوجوب طلب يعتبر من حيث تعلّقه بفعل و الحرمة طلب يعتبر من حيث
تعلّقه بكفّ عن فعل، فيكون اكفف عن فعل كذا من حيث تعلّقه بالكفّ إيجابا، و بالفعل
المكفوف عنه تحريما، و لكنه حينئذ لم يكن قوله غير كفّ محتاجا إليه و يكفي أن يقال
طلب فعل ينتهض تركه الخ، اللّهم إلّا أن يقصد زيادة الوضوح و التنبيه.
اعلم أنّ الوجوب و الإيجاب متحدان ذاتا مختلفان اعتبارا و قد سبق في
لفظ الحكم. و قيل الواجب ما يعاقب تاركه، و ردّ بأنّه يخرج عنه الواجب المعفو عن
تركه. و قيل ما أوعد بالعقاب على تركه ليندفع ذلك لأنّ الخلف في الوعيد جائز و إن
لم يجز في الوعد كما ذهب إليه بعض المتكلّمين. و أمّا عند من لم يجوّز ذلك فالنقض
عنده بحاله. و قيل ما يخاف العقاب على تركه و هو مردود بما شكّ في وجوبه و لا يكون
واجبا في نفسه فإنّه يخاف العقاب. و قال القاضي أبو بكر ما يذمّ شرعا تاركه بوجه
ما، و المراد بالذمّ نصّ الشارع به أو بدليله إذ لا وجوب إلّا بالشرع، و قال بوجه
ما ليدخل الواجب الموسع فإنّه يذمّ تاركه إذا تركه في جميع وقته لا في بعض الوقت،
و كذا فرض الكفاية فإنّه يذمّ تاركه إذا لم يقم به غيره. و يرد عليه صلاة النّائم
و الناسي و صوم المسافر لأنّه يصدق على كلّ منها لأنّه يذمّ تاركه على تقدير عدم
القضاء بعد التذكّر و التنبه و الإقامة. و أجيب بأنّ المراد أنّه يذمّ تاركه من
حيث إنّه تارك و باعتبار ذلك الترك و إلّا فيصدق على كلّ فعل أنّه يذم تاركه على
تقدير تركك الفرض معه،
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1763