نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1693
لمن قبلنا كآية شرع القصاص و الدّية
[1]، أو كان أمر به أمرا جمليا كنسخ التوجّه إلى بيت المقدس بالكعبة [2] و صوم عاشوراء برمضان، و إنّما يسمّى
هذا نسخا تجوّزا. الثالث ما أمر به لسبب ثم يزول السبب كالأمر حين الضعف و القلة
بالصبر و الصّفح ثم نسخ بإيجاب القتال، و هذا في الحقيقة ليس نسخا بل هو من أقسام
المنسأ كما قال تعالى أَوْ نُنْسِها[3] فالمنسئ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوي
المسلمون و في حالة الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى، و بهذا يضعف ما ذكره
كثيرون من أنّ الآيات في ذلك منسوخة بآية السيف و ليس كذلك بل هي من المنسأ بمعنى
أنّ كلّ أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلّة تقتضي ذلك الحكم ثم ينتقل بانتقال
تلك العلة إلى حكم آخر و ليس بنسخ، إنّما النسخ الإزالة للحكم حتى لا يجوز
امتثاله. و أيضا النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب: ما نسخ تلاوته و حكمه معا.
قالت عائشة رضي اللّه تعالى عنها: (و كان فيما أنزل اللّه عشر رضعات
معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و هنّ
مما يقرأ من القرآن) [4]
رواه الشيخان، أي قارب النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم الوفاة أو أنّ التلاوة
نسخت أيضا و لم يبلغ ذلك كلّ الناس إلى بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله
و سلم فتوفي و بعض الناس يقرؤها. و الضرب الثاني ما نسخ حكمه دون تلاوته نحو قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ[5] نسخت بآية القتال، و الضرب الثالث ما نسخ تلاوته دون حكمه نحو الشيخ
و الشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالا من اللّه انتهى.
فائدة:
محلّ النسخ حكم شرعي قديم أي لم يلحقه تأبيد و لا توقيف فتخرج الأحكام
الحسّية و العقلية و الأخبار عن الأمور الماضية أو الواقعة في الحال أو الاستقبال
مما يؤدّي نسخه إلى جهل، بخلاف الأخبار عن حل الشيء مثل هذا حرام و ذلك حلال. و
في الاتقان لا يقع النسخ إلّا في أمر أو نهي و لو بلفظ الخبر، و أمّا الخبر الذي
ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ و منه الوعد و الوعيد فمن أدخل في كتاب النسخ
كثيرا من آيات الأخبار و الوعد و الوعيد فقد أخطأ.
فائدة:
شرط النسخ التمكّن من الاعتقاد و لا حاجة إلى التمكّن من الفعل
عندنا، و عند المعتزلة لا يصحّ قبل الفعل لأنّ المقصود منه الفعل، فقبل حصوله يكون
بداء. و لنا أنّه عليه الصلاة و السلام أمر ليلة المعراج بخمسين صلاة ثم نسخ
الزائد على الخمس مع عدم التمكّن من الفعل.