نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1606
التقسيم:
قالوا الجواهر المفارقة أي الغائبة عن الحسّ إمّا أن تكون مؤثّرة في
الأجسام أو مدبّرة لها، أو لا تكون مؤثّرة و لا مدبّرة. و الأول أي الجواهر
المجرّدة المؤثّرة في الأجسام هي العقول السماوية عند الحكماء و الملأ الأعلى في
عرف حملة الشرع. و الثاني أي الجواهر المجرّدة المدبّرة للأجسام العلوية أي
الفلكية و هي النفوس الفلكية عند الحكماء و الملائكة السماوية عند أهل الشرع و
الملائكة السّفلية تدبّر عالم العناصر، و هي إمّا أن تكون مدبّرة للبسائط الأربعة
العنصرية و أنواع الكائنات و هم يسمّون ملائكة الأرض، و إليه أشار صاحب الوحي
صلوات اللّه عليه و السلام و قال جاءني ملك البحار و ملك الجبال و ملك الأمطار و
ملك الأرزاق. و إمّا أن تكون مدبّرة للأشخاص الجزئية و تسمّى نفوسا أرضية كالنفوس
الناطقة.
و الثالث أي الجواهر المجرّدة التي لا تكون مؤثّرة في الأجسام و لا
مدبّرة لها تنقسم إلى خيّر بالذات و هم الملائكة الكروبيّون بتخفيف الراء أي
الملائكة المقرّبون و هم الملائكة المهيمنون المستغرقون في أنوار جلال اللّه
سبحانه بحيث لا يتفرّغون معه لشيء أصلا، لا لتدبير الأجسام و لا لتأثير فيها، و
إلى شرّير بالذات و هم الشياطين، و إلى مستعدّ للخير و الشرّ و هم الجنّ.
و الظاهر من كلام الحكماء أنّ الجنّ و الشياطين هم النفوس البشرية
المفارقة عن الأبدان، إن كانت شرّيرة كانت شديدة الانجذاب إلى ما يشاكلها من
النفوس البشرية الشّريرة، فتتعلّق ضربا من التعلّق بأبدانها، و تعاونها على أفعال
الشّرّ، فذلك هو الشيطان، و إن كانت خيّرة كان الأمر بالعكس و هي الجنّ. و أكثر
المتكلّمين لمّا أنكروا الجواهر المجرّدة قالوا الملائكة و الجنّ و الشياطين أجسام
لطيفة قادرة على التشكّل بأشكال مختلفة. و أوائل المعتزلة أنكروها لأنّها إن كانت
لطيفة وجب أن لا تكون قوية على شيء من الأفعال و أن يفسد تركيبها بأدنى سبب، و إن
كانت كثيفة وجب أن نشاهدها و إلّا لأمكن أن تكون بحضرتنا جبال لا نراها. و أجيب
بأنّه لما لا يجوز أن تكون لطيفة بمعنى عدم اللون لا بمعنى رقّة القوام. و لئن
سلّم أنّها كثيفة لكن لا نسلّم أنّها يجب أن تراها لأنّ رؤية الكثيف عند الحضور
غير واجب، كيف و قد يفيض عليها القادر المختار مع لطافتها و رقتها قوة عظيمة فإنّ
القوة لا تتعلّق بالقوام و لا بالجثة.
ألا ترى أنّ قوام الإنسان دون قوام الحديد و الحجر، و نرى بعضهم يفتل
الحديد و يكسر الحجر و يصدر عنه ما لا يمكن أن يستند إلى غلظ القوام، و نرى
الحيوانات مختلفة في القوة اختلافا ليس بحسب اختلاف القوام و الجثة كما في الأسد
مع الحمار. ثم إنّ القائلين بأنّها أجسام تتشكّل بأي شكل شاءت و تقدر على أن تلج
في بواطن الحيوانات و تنفذ في منافذها الضيّقة نفوذ الهواء المستشفّ بعد اتفاقهم
على أنّها من أصناف المكلّفين مثل الإنسان، اختلفوا في اختلافها بالنوع. و نقل عن
المعتزلة أنّهم قالوا الملائكة و الجنّ و الشياطين يتّحدون في النوع و يختلفون
بأفعالهم، أمّا الذين لا يفعلون إلّا الخير فهم الملائكة و أمّا الذين لا يفعلون
إلّا الشّرّ فهم الشيطان، و أمّا الذين يفعلون تارة الخير و تارة الشّر فهم الجنّ،
و لذلك عدّ إبليس تارة في الملائكة و تارة في الجنّ، و أكثر ما ذكرنا هو المستفاد
من شرح الطوالع و بعضه من شرح المواقف.
فائدة:
في تهذيب الكلام و لا يمنع ظهور الكلّ أي جميع المجرّدات على بعض
الأبصار في بعض الأحوال.
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1606