نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1522
ذوي الأمزجة كالترياق فإنّ لكلّ من مفرداته مزاجا خاصا و للمجموع
مزاجا آخر كذا في بحر الجواهر. و في الآقسرائي المزاج الأول هو أول مزاج يحدث من
العناصر و المزاج الثاني هو الذي يحدث عن امتزاج أشياء لها في أنفسها أمزجة، و
امتزاجها ليس امتزاجا صار به الكلّ متشابها قوة و ذلك لأنّه إذا كان كذلك صار مزاج
ذلك الممتزج مزاجا أولا، و وجه الحصر أنّ المزاج إمّا أن لا يحصل من أشياء لها
أمزجة قبل التركيب أو يحصل منها و الأول هو الأول و الثاني هو الثاني، انتهى. ثم
المزاج الثاني قد يكون صناعيا كمزاج الترياق و قد يكون طبعيا كمزاج اللبن فهو عن
مائية و جبلية و دسمية، و لكلّ مزاج خاص، و قد يكون قويا فيعسر تفريق أحد بسائطه
عن الآخر لا بالطبخ و لا بالنار و يسمّى مزاجا موثقا كمزاج الذهب فإنّه مركّب من
جوهر مائي يغلب عليه الرطوبة و جوهر أرضي يغلب عليه اليبوسة، و قد امتزجا امتزاجا
لا يقدر النار على تفريقهما، و قد يكون رخوا لا يعسر تفريق بسائطه، فإمّا أن
يحلّله النار دون الطبخ كالبابونج فإنّ فيه قوة قابضة و محلّلة لا تفترقان بالطبخ،
أو الطبخ دون الغسل كالعدس فإنّ فيه قوة محلّلة تخرج بالطبخ في مائيته و يبقى
القوة الأرضية في جرمه، أو الغسل كالهندباء فإنّ جزؤها المفتّح الملطّف يزول
بالغسل و يبقى الجزء المائي البارد، و قول الأطباء هذا الدواء له قوة مؤلّفة من
قوى متضادة يعني بها هذا المزاج الثاني الرخو.
فائدة:
اتفقوا على أنّ أعدل أنواع المركّبات أي أقربها إلى الاعتدال الحقيقي
نوع الإنسان لأنّ النفس الناطقة أشرف و أكمل و لا يخلّ في إفاضة المبدأ بل هي بحسب
استعدادات القوابل، فاستعداد الإنسان بحسب مزاجه أشدّ و أقوى فيكون إلى الاعتدال
الحقيقي أقرب و اختلفوا في أعدل الأصناف من نوع الإنسان. فقال ابن سينا و سكان خط
الاستواء تشابه أحوالهم في الحرّ و البرد لتساوي ليلهم و نهارهم أبدا. و قال
الامام الرازي سكان الإقليم الرابع لأنّا نرى أهلها أحسن ألوانا و أطول قدودا و
أجود أذهانا و أكرم أخلاقا، و كلّ ذلك يتبع المزاج، و التحقيق يطلب من الآقسرائي و
شرح التذكرة.
فائدة:
القول بالمزاج مبني على القول بالاستحالة و الكون و الفساد إذ الكيفية
المتشابهة لا تحصل إلّا بهما. أمّا الأول فظاهر لما عرفت، و أمّا الثاني فلأنّ
النار لا تهبط عن الأثير بل يتكوّن هاهنا و كان من المتقدّمين من ينكرهما معا
كانكساغورس و أصحابه القائلين بالخليط فإنّهم يزعمون أنّ الأركان الأربعة لا يوجد
شيء منها صرفا بل هي مختلفة من تلك الطبائع و من سائر الطبائع النوعية كاللحم و
العظم و العصب و التمر و العسل و العنب و غير ذلك، و إنّما يسمّى بالغالب الظاهر
منها و عند ملاقاة الغير يعرض لها أن يبرز منها ما كان كامنا فيها فيغلب و يظهر
للحسّ بعد ما كان مغلوبا غائبا عنه لا على أنّه حدث بل على أنّه برز، و يكمن فيها
ما كان بارزا فيصير مغلوبا و غائبا بعد ما كان غالبا و ظاهرا. فالماء إذا تسخّن لم
يستحل في كيفية بل كان فيه أجزاء نارية كامنة فبرزت بملاقاة النار، و هؤلاء أصحاب
الكمون و البروز. و قوم يزعمون أنّ الظاهر ليس على سبيل البروز، بل على سبيل
النفوذ في غيره من خارج كالماء مثلا فإنّه إنّما يتسخّن بنفوذ أجزاء نارية فيه من
النار المجاورة له، و هؤلاء أصحاب الفشو و النفوذ.
و المذهبان متقاربان فإنّهما مشتركان في أنّ الماء لم يستحل حارا، لكن
الحار نار يخالطه فيعترفان في أنّ أحدهما يرى أنّ النار برزت من داخل الماء، و
الآخر يرى أنّها وردت عليه من خارجه. و إنّما دعاهم إلى ذلك الحكم لامتناع
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1522