نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1303
الأشاعرة فإنّها لا تؤثّر في فعل أصلا، فلا يدخل في التفسير الأول. و
ليست مبدأ لأثر قطعا فلا يدخل في الثاني و إن كان لها تعلّق بالفعل يسمّى ذلك
التعلّق كسبا. و نفى جهم [1] القدرة الحادثة و قال لا قدرة للعبد أصلا و هذا غلوّ في الجبر لا
توسّط بين الجبر و التفويض كما هو الحقّ، لأنّ الفرق بين الصاعد بالاختيار و بين
الساقط عن علو ضروري فالأول له اختيار أي له صفة توجد الصعود عقيبها و يتوهّم
كونها مؤثّرة فيه، و تسمّى تلك الصفة قدرة و اختيارا دون الثاني أي الساقط من
العلو ليس له تلك الصفة. فإن قال جهم لا نريد بالقدرة إلّا الصفة المؤثّرة و إذ لا
تأثير فلا قدرة كان منازعا لنا معاشر الأشاعرة في التسمية، فإنّا نثبت للعبد ذات
الصفة المعلومة بالبديهة و نسمّيها قدرة، فإذا اعترف جهم بتلك الصفة و قال إنّها
ليست قدرة لعدم تأثيرها كان نزاعه معنا في إطلاق لفظ القدرة على تلك الصفة، و هو
بحث لفظي. و إن قال حقيقة القدرة و ماهيتها أنّها صفة مؤثّرة منعناه، فإنّ التأثير
من توابع القدرة و قد ينفكّ عنها كما في القدرة الحادثة عندنا.
فائدة:
اتفقت الأشاعرة و المعتزلة و غيرهم على أنّ القدرة وجودية يتأتّى
معها الفعل بدلا عن الترك و الترك بدلا عن الفعل. و قال بشر بن المعتمر القدرة
الحادثة عبارة عن سلامة البنية عن الآفات، فجعلها صفة عدمية. قال فمن أثبت صفة
وجودية زائدة على سلامة البنية فعليه البرهان. و اختار الإمام الرازي مذهبه في
المحصّل [2]. و قال ضرار بن عمرو بن هشام بن سالم
إنّها بعض القادر فالقدرة على الأخذ عبارة عن اليد السليمة، و القدرة على المشي
عبارة عن الرجل السليمة. و قيل القدرة الحادثة بعض المقدور و فساده أظهر.
فائدة:
قال الأشعري و أكثر أصحابه القدرة الواحدة لا تتعلّق بمقدورين مطلقا
سواء كانا متضادين أو متماثلين أو مختلفين لا على سبيل البدل و لا معا، بل إنّما
تتعلّق بمقدور واحد و ذلك لأنّ القدرة مع المقدور. لا شكّ أنّ ما نجده عند صدور
أحد المقدورين منا مغاير لما نجده عند صدور الآخر. و قال أكثر المعتزلة تتعلّق
بجميع مقدوراته أي المتضادة و غيرها.
و قال الإمام الرازي القدرة تطلق على مجرّد القوة هي مبدأ الأفعال
المختلفة الحيوانية و هي القوة العضلية التي هي بحيث متى انضمّ إليها إرادة أحد
الضدين حصل ذلك الضدّ، و متى انضمّ إليها إرادة الضدّ الآخر حصل ذلك الآخر و هي
قبل الفعل، و على القوة المستجمعة بشرائط التأثير، و لا شكّ أنّها تتعلّق بالضّدين
معا بل بالنسبة إلى كلّ مقدور غيرها بالنسبة إلى المقدور الآخر لاختلاف الشرائط و
هي مع الفعل. و لعلّ الشيخ أراد بالقدرة القوة المستجمعة و المعتزلة مجرّد القوة.
فائدة:
العجز عرض مضاد للقدرة باتفاق الأشاعرة و جمهور المعتزلة خلافا لأبي
هاشم في آخر أقواله، حيث ذهب إلى أنّه عدم القدرة
[1] هو جهم بن صفوان السمرقندي، ابو محرز، توفي عام 128 ه/ 745 م
زعيم فرقة الجهمية، مات قتلا.